بعث الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ليقوم بالدعوة إلى توحيد الإله

ذكرى الإسراء والمعراج
16 فبراير, 2020
شمول الدين الإسلامي
21 مارس, 2020

بعث الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ليقوم بالدعوة إلى توحيد الإله

بعث الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ليقوم بالدعوة إلى توحيد الإله وإلى اختيار المعاني الإنسانية الكريمة، وأن يكون الإنسان رغم جميع فوارقه إنساناً كريماً بين المخلوقات الأخرى، ويكون حراً بين بني جلدته، وعبداً لله خالقه وإلهه الواحد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الحق، وإلى اجتناب جميع ألوان الجهالة والضلال والظلم والاعتداء على الإنسان، حتى من الظلم على الحيوان والبهيمة كذلك، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه بنصرة المظلوم، ورعاية الضعيف، ومساعدة الفقير، وسعى لهداية الإنسان لإنقاذه من الويلات والاعتداءات التي كانت عامةً منتشرة حتى في المجتمعات المتحضرة، والطوائف الإنسانية الراقية، ونادى بقولته المدوية المجلجلة:”كلكم من آدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى”.( كنز العمال)

فهذا هو المبدأ الكريم الذي يحتاج الإنسان إليه في كل عصر ومصر، وإذا لم يتبع الإنسان هذا المبدأ فلن تحصل له الراحة في الحياة، ولقد استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجهوده الشاقة وتفانيه في العمل لهداية الإنسان إلى مبدأ الحق والهداية والمساواة بين الإنسان والإنسان، وأن يكون في حياة كل واحد منهم مبدأ التقوى وهو الاحتياط في الحياة، ورعاية الحق واتباعه في ذات نفسه وفي سلوكه مع غيره، قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته في هذه الدعوة وفي تربية الناس على مبدأ العبادة للإله الواحد واختيار التقوى في حياته، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعد حياته مسئولية الدعوة إلى هداية الناس إلى الحق، والعمل للمعروف، واختيار التقوى في السيرة والمعاملات، ميراثاً لمن جاء بعده من المسلمين، وجعل المسلمين مسئولين عن العمل في هذا المجال باختلاف الأزمان والبلدان، ولكن الذي يؤسف له أن المسلمين تركوا أداء حق هذا المسئولية، بل أصبحوا كغيرهم ممّن لا يؤمنون بهذه القيم الإنسانية الرشيدة، والسلوك على طريق الحق، ولا يمكن أن يعود العالم إلى الإنسانية الفاضلة إلا بالسير على الطريق الإسلامي الرشيد.

فإن الدعوة إلى ذلك وبذل الجهد له مسئولية المسلمين وواجبهم، فعليهم أن ينقذوا بيئاتهم وأوساطهم من الفساد المتفشي، والضلال المغوي فيها، وذلك بأن يصبحوا هم أنفسهم أولاً نماذج الخير، وأمثلة الفضيلة والإنسانية الكريمة متبعين لأوامر رسولهم العظيم صلى الله عليه وسلم، وأن يدعوا الآخرين عن طريق نماذج حياتهم هذه الشريفة إلى السيرعلى الطريق السوي، وبغير ذلك لا يمكن أن نغيّر الوضع المخزي لإنسان اليوم، ونحن مهما تأسفنا، لا ينفع تأسفنا، بل يجب العمل له، وهذا يفتقر أولاً إلى لفت الأنظار وتعريف الإنسان المتألم بالفساد المتفشي في العالم، وبعض الشعور بذلك يوجد في الأمم المتحضرة اليوم.

فإننا بحاجة إلى القيام بواجبنا نحو العمل بأنفسنا اولاً بالقيم الفاضلة، ثم الدعوة إليها، فنحن مسئولون عن ذلك، لكوننا أمة الدعوة أمة الرقابة للبشر أجمعين عملاً بما جاء من عند الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد:}وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس{،( البقرة: 143)و} كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله{.( آل عمران:110)

فنحن أمة الدعوة وأمة الهداية يجب أن نعرف مسئوليتنا، والله هو الموفق.

(محمد الرابع الحسني الندوي)

×