أخي العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طالما سمعت – أيها الأخ – عن الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية وما كان لهما من الأثر البالغ في حياة الإنسان، وهنا نبين لك الفوارق الفكرية والثقافية بينهما لكي تكون على علم بما في الحضارة الإسلامية من السعادة والهناء وعوامل رقي الحضارة، وبما في الحضارة الغربية من التعاسة والشقاء وعوامل الهدم والتدمير للحضارة وقيمها.
إن الإسلام – أيها الأخ – لا ينكر الحضارة الغربية بكاملها كما لا يرضى بها على علاتها ذلك لأن القرآن الكريم يقبل كل حضارة تضمن سعادة الناس كلهم: سعادة الأكثرية المطلقة في حين أن مدنية الغرب عاجزة عن الوفاء بهذه المهمة للأسباب التالية:
والإسلام يقبل الحضارة التي لا تتعارض الفطرة البشرية، فيبني أساس الحضارة على مبادئ متينة ودعائم ثابتة، فإنه يدعو إلى أصول من أهمها.
فثبت من ثم –أيها الأخ-أن الإسلام وفلسفته الحضارية إنما هي لبناء السعادة الإنسانية الحقيقية وترسيخ دعائم القيم النبيلة، فنحن لا ندعو إلى استنكار أوربا وذمها على إطلاقها، بل إنما ندعو إلى التمييز بين أوربا النافعة للبشرية بما قدمت لحياة الإنسان من خدمات وبما توصلت إليه من صناعات وعلوم وبين أوربا الثانية التي حولت سيآت الحضارة إلى حسنات، فساقت البشرية إلى السفاهة والضلالة والغواية.
فحذار حذار من الحضارة الأوربية التي هوت بالإنسان إلى درجة أدنى من درجة الحيوان لأنها ألجأته إلى الحاجات التي لم تكن في الواقع ضرورية. فأضحى الإنسان أسير متطلبات هذه المدنية لا يهمه إلا إشباع أكبر قدر من رغبات النفس.
(محمد خالد الباندوي الندوي)