ميزة الإنسان ودوره في الكائنات (2)

ميزة الإنسان ودوره في الكائنات
25 سبتمبر, 2022
بين الحقيقة والرياء!
27 أكتوبر, 2022

ميزة الإنسان ودوره في الكائنات (2)

(سعيد الأعظمي الندوي)

هذا العالم الذي نعيش فيه اليوم يتزايد كل يوم بإنتاجات آلية يعرضها الناس بأسلوب شيق، ويبرهنون بذلك على تقدُّم العلوم الميكانيكية والصناعات العلمية، وبراعة العالم المادي في توسعة الحضارة الإنسانية، وقد أحرزت الدول المادية ثورة صناعية في المجال الحضاري الذي يتطلع إليه الناس من خلال دوافع الغبطة وصوغ الحياة في قالب العلم والحضارة التي عجز عن الوصول إليها كثير من البلدان الصناعية التي تعتمد في نشر الفنون الإبداعية وتقليدها على الدول المادية التي تصبغ الحياة بكاملها بألوان مختلفة من الصناعة وتطورها بإفراز آلات توسع المجالات والطرائق الطريفة للعالم المتخلف اليوم رغم وجود إمكانيات واسعة للتقدم إلى الأمام.

وليس ذلك الدافع محدودًا بالصناعات والتَمَدْيُن، وبتسهيل شؤون الحياة والاطلاع الواسع على مكنونات القدرة الإلهية؛ بل الواقع أن الإنسان المتمدن اليوم يحب أن يغير الإنسان، ويخرجه من طبيعته البشرية الكامنة التي أودعها فيه خالق الإنسان والأكوان بكاملها، إنه يحب أن يتغير هذا الجنس البشري اليوم، وينضم إلى الطوائف الإنسانية التي تكون بمعزل عن طبيعة الإنسان الصادق الذي يعرف بغاية من الوضوح أنه مخلوق عاقل يحتاج إلى العلم الذي يهديه إلى العقل البشري المستنير، منذ أن خلقه الله سبحانه لبناء هذا الكون وتقييم الحياة بقيم الإيمان والعمل الصالح الذي يرتضيه الله سبحانه، وذلك ما جعله يرفض ذلك الخلاف الذي أبدته الملائكة حينما “قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ” [البقرة:30] فرد الله تعالى عليهم بجملة واحدة فقط: “إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” [البقرة:30].

وقد قص علينا الله سبحانه وتعالى هذا الحوار الدائم الجليل وبيَّنه في كتابه العظيم فقال: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” [البقرة:30].

وهناك أكرم الله تعالى بني آدم وعلم آدم أسماء جميع حاجيات الحياة التي يعيشها في الدينا ثم عرضها على الملائكة “فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا: ” سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ” [البقرة:31-32].

بهذه المكالمة القليلة تبرز مكانة الإنسان بإزاء الملائكة، فلولا العالم البشري الذي أراده الله سبحانه لم تكن هناك حاجة إلى هذه المكالمة اللازمة لعمران العالم من أولئك البشر الذين أرادهم الله سبحانه لمصالح عالية لا يعلمها إلا الله تعالى.

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” [الحجرات:13].

×