الحاجة إلى فهم العقل الغربي المعاصر
17 يناير, 2024يوم حقوق الإنسان
17 يناير, 2024العلامة الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله
د. محمد وثيق الندوي
هو من رواد حركة الإصلاح والدعوة الإسلامية وحملة الفكر الإسلامي السليم في القرن العشرين، ولد عام 1332هـ المصادف 1914م في رائي بريلي، وبعد وفاة والده العلامة الشريف عبد الحي الحسني تعلَّم وترعرع تحت كفالة وتوجيه أخيه الأكبر الدكتور السيد عبد العلي الحسني، ودرس اللغة العربية على الشيخ خليل بن محمد بن حسين بن محسن الأنصاري البهوفالي (م 1386هـ ــ 1966م) ثم الدكتور محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي المراكشي(1311– 1407هـ) وأخذ التفسير من الشيخ أحمد علي اللاهوري، واستفاد من الشيخ المحدث حسين أحمد المدني بن حبيب الله الفيض آبادي المشهور بالمدني (م 1377هـ) كما استفاد من كبار العلماء الربانيين في عصره، درَّس في دار العلوم لندوة العلماء 1934م مادة الأدب والتفسير سنوات، ثم توفَّر على التدريس والتأليف، ووضع المقررات الدراسية لتعليم اللغة العربية، وأسَّس المجمع الإسلامي العلمي بلكناؤ في 1959م، وقدّم فكرة إنشاء رابطة الأدب الإسلامي العالمية، واختير رئيساً لندوة العلماء في عام1961م، وقام برحلات واسعة إلى أوربا وأمريكا والبلدان العربية، والمغرب الأقصى، والخليج العربي، وما إليها من البلدان، ونال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1980م، واختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم عام 1419هـ، ولم يكتف الشيخ الندوي بتأليف كتب أو إلقاء محاضرات، بل وراسل الملوك والحكام، وأشار إلى مواطن الضعف، والخطر الذي يحدق بالأمة الإسلامية، وله مؤلفات تربو على أكثر من 300 كتاب.
وكان العلامة الندوي يقوم بأعباء الدعوة والإصلاح والتوجيه والإرشاد بحرية، وقد اختار منهجاً خاصاً للعمل، ووسع دائرة نشاطاته من إطار المسلمين إلى الإنسانية كلهـا؛ بأسلوب يميل القلوب، ويجذب النفوس؛ بالكتب والخطب، والرسائل واللقاءات، والحوارات، يخاطب بها الحكام، والقادة، والمثقفين، وعامة الناس، لكل طبقة أسلوبٌ، ولكل بيئة طريقةٌ خاصّةٌ.
فكانت حياته ذات جوانب متعددة، وقد وصفه الدكتور يوسف القرضاوي –رحمه الله-الذي عرفه شخصيًا، ودرس فكره عمليًا بـ”رباني الأمة”و “الرجل القرآني المحمدي” الذي جعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أسوته في هديه وسلوكه وحياته كلها، واتخذ سيرته نبراسًا له، و”عالمي العطاء”، فتحدث إلى العرب، وإلى أمريكا، وأوربا، وكان عضواً لعدد من المؤسسات العالميـة.
وقد شارك العلامة الندوي في نشاطات بعض كبرى الحركات الإسلامية الإصلاحية والدعوية، وجربها، وأبدى تقديره لخدماتها ومنجزاتها، وانتقد ما شاهد فيها من عيوب وانحراف، بأسلوب معتدل مقنع، وبحكمة وموعظة حسنة، واتصل بكبار قادة الفكر في عصره، وانتقد أفكارهم ومناهجهم بمنهج متزن لا يثير الحفيظة والكراهية، وزوَّدهم بنصائح وبمنارات إرشادية تنير السبل.
ولم يمنعه الاشتغال بالتنصيف والتأليف، والتدريس عن معالجة القضايا العامة، سواء كانت هذه القضايا تتصل بالمسلمين، أو بغير المسلمين، فكانت حياة الشيخ الندوي حافلـة بالنشاطات الاجتماعية، ولذلك كان يتابع مجريات الحياة، فلما شاهد الشيخ الندوي تدهور الأحوال الاجتماعية، وطغيان المادة، وفساد البيئة العامة تصدّى لمواجهته، وكان إنشاء حركة رسالة الإنسانية رمزًا لهذا الاهتمام بإصلاح البيئة العامة، وكان سماحته يشعر بأن المجتمع الإنساني بمثابة سفينة إذا غرقت هذه السفينة غرق جميع أفراد هذا المجتمع.
وقد قادة حـركات اجتماعية للمسلمين كـ”حركة التعليم الديني”، و”حركة إصلاح المجتمع”، و”هيئة قانون الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند”،و”المجلس الاستشاري المسلم” وغيرها، فكان أحد مكونات الفكر الإسلامي السليم المعاصر، وكان له منهج خاص وأسلوب خاص للعمل والفكر والدعوة والكتابة.
يقول سيد قطب الشهيد:
“هو أنجح كاتب في القصة الإسلامية، ليس في الهند فحسب، بل في العالم الإسلامي”
يقول العلامة أحمد الشرباصي:
“وهب الله لأخينا المفضال السيد أبي الحسن من مواهب يغبط عليها عند كرام الرجال، ويحسد عليها عند لئامهم، فحسبه فخراً أن يوقفه الله فيؤلف كتباً للخاصة تعلو وتدق، وتتسع وتعمق، وتسير بين القارئين الكبار فتشرق وتغرب، بعد أن ازدانت بالفكرة السليمة والأسلوب الرفيع، والتحليق السامي، ثم يوقفه الله أيضاً إلى أن يقرب بعبارته السهلة وبيانه الرقيق أهداف القصة القرآنية إلى عقول الناشئة المسلمة”
يقول الأستاذ عبد الرحمن حبنكة الميداني:
“سماحة الشيخ أبي الحسين علي الحسني الندوي غني أن يعرف به وبكتاباته النفسية بعد أن ذاعت شهرته في أرجاء العالم الإسلامي.
وكلمتي بمثابة من يحمل كشافاً عادياً بيده، ليدل بنوره الضئيل بعض ذوي الأبصار، حتى تتوجه أعينهم لرؤية مصباح كهربائي عظيم ينير ساحات واسعات على امتداد جوانب دائرته”.
يقول العلامة محمد المجذوب:
“متتبع ما يكتب الشيخ الندوي يشعر بأن لعبارته الأدبية سحراً لا يتوافر في العادة إلا في العلمية من أصحاب المواهب الذين تعمقوا سر الكلمة، وتفاعلوا به، وكان لقلوبهم أكبر الأثر في ما يصوغونه وذلك هي الخاصة الرئيسية التي يمتاز بها أبداً أولو الأذواق الروحية المتخرجين في مدرسة القرآن”
يقول أديب العربية الكبير العلامة على الطنطاوي:
“وإذا كان من بنى حصناً أو قاد جيشاً عد في العظماء، فأبو الحسن بنى للإسلام من نفوس تلاميذه حصوناً أقوى، وأمتن من حصون الحجر، بني أمة صغيرة من العلماء الصالحين، والدعاة المخلصين”.
ويقول: “وكدت أفقد ثقتي بالأدب حين لم أعد أجد عند الأدباء هذه النغمة العلوية التي غنى بها الشعراء من لدن الشريف الرضي إلى البرعي، فلما قرأت كتابك”الطريق إلى المدينة” وجدتها، وجدتها في نثر هو الشعر إلا أنه بغير نظام”.
كتب العلامة الشيخ محمد الغزال يقول:
“لقد وجدنا في رسائل الشيخ الندوي لغة جديدة وروحاً جديدة، والتفاتاً إلى أشياء لم تكن نلتفت إليها”.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي:
“إن العلامة الشيخ الندوي جعل همه في البناء لا الهدم، والجمع لا التفريق، وأنا أشبهه بالإمام حسن البنا، الذي كان حريصاً على هذا الاتجاه الذي شعاره “نبنى ولا نهدم، نجمع ولا نفرق، ونقرب ولا نباعد”.