بيت لحسان بن ثابت الأنصاري خلفيته ودراسته التاريخية (1)
26 نوفمبر, 2022النبأ العظيم
26 ديسمبر, 2022بيت لحسان بن ثابت الأنصاري خلفيته ودراسته التاريخية (2/الأخيرة)
الدكتور أبو سحبان روح القدس الندوي
أما نسبة هذه الأبيات لحسان بن ثابت وجوابها لأبي سفيان بن الحارث فهو المشهور كما وقع في هذا الصحيح. وعند مسلم بعض ذلك.
وعند شيخ شيوخ ابن حجر أبي الفتح بن سيد الناس في “عيون الأثر” له عن أبي عمرو الشيباني أن الذي قال له “وهان على سراة بني لؤي” هو أبو سفيان بن الحارث، وأنه إنما قال “عزّ” بدل “هان”، وأن الذي أجاب بقوله “أدام الله ذلك من صنيع” البيتين هو حسان، قال: وهو أشبه من الرواية التي وقعت في البخاري” 1هـ. ولم يذكر مستندًا للترجيح(1).
وعلّق عليه ابن حجر تصويبًا: “والذي يظهر أن الذي في الصحيح أصح، وذلك أن قريشًا كانوا يظاهرون كل من عادى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ويعدونهم النصر والمساعدة، فلما وقع لبني النضير من الخذلان ما وقع قال حسان الأبيات المذكورة موبّخًا لقريش وهم بنو لؤي كيف خذلوا أصحابهم”(2).
وحكى ابن حجر ناقلاً عن ابن إسحاق “أنه” ذكر أن حسان قال ذلك في غزوة بني قريظة، وأنه إنما ذكر بني النضير استطرادًا، فمن الأبيات المذكورة:
أيا يا سعد سعد بني معاذ
فما فعلت قريظة والنضير
وفيها:
وقد قال الكريم أبو حباب
أقيموا قينقاع ولا تسيروا
وأولها:
تقاعد معشر نصروا قريشًا
وليس لهم ببلدتهم نصير
هم أُوتوا الكتاب فضيّعوه
فهم عمى عن التوراة بور
كفرتم بالقرآن لقد لقيتم
بتصديق الذي قال النذير(3)
واستمر ابن حجر إفادة: “وفي جواب أبي سفيان بن الحارث في قوله و: “تعلم أيّ أرضينا تضير” ما يرجح ما وقع في الصحيح، لأن أرض بني النضير مجاورة لأرض الأنصار، فإذا خربت أضرت بما جاورها، بخلاف أرض قريش فإنها بعيدة منها بعُدًا شديدًا فلا تبالي بخرابها، فكان أبو سفيان يقول: تخربت أرض بني النضير، وتخريبها إنما يضر أرض من جاورها، وأرضكم هي التي تجاورها فهي التي تتضرر لا أرضنا، ولا يتهيأ مثل هذا في عكسه إلا بتكلف، وهو أن يقال: إن الميرة كانت تحمل من أرض بني النضير إلى مكة فكانوا يرتفقون بها؛ فإذا خربت تضرهم، بخلاف المدينة فإنها في غنية عن أرض بني النضير بغيرها كخيبر ونحوها فيتجه بعض اتجاه، لكن إذا تعارضا كان ما في الصحيح أصح”(4).
واستمر ابن حجر إجادة: “ويحتمل إن كان ما قال أبو عمرو الشيباني محفوظًا أن أبا سفيان بن الحارث ضمّن في جوابه بيتًا من قصيدة حسان فاهتدمه، فلما قال حسان: “وهان على سراة بني لؤي” وهو عمل سائغ، وكأن من أنكر ذلك استبعد أن يدعو أبو سفيان بن الحارث على أرض الكفرة مثله بالتحريق في قوله “أدام الله ذلك من صنيع”. والجواب عنه أن اسم الكفرة وإن جمعهم لكن العداوة الدينية قائمة بينهم كما بين أهل الكتاب وعبدة الأوثان من التباين(5).
وأيضًا قوله: “وحرّق في نواحيها السعير” يريد بنواحيها المدينة فيرجح ذلك دعاء على المسلمين أيضًا”(6).
وأنهى ابن حجر إضافة هذه المسألة قائلاً(7): “ولكعب بن مالك في هذه القصة قصيدة على هذا الوزن والروي(8) أيضًا ذكرها ابن إسحاق، أولها:
لقد منيت بغدرتها الحبور
كذاك الدهر ذو صرف يدور
يقول فيها:
فغودر منهم كعب صريعًا
فذلت عند مصرعه النضير
يشير إلى كعب بن الأشرف الذي سيذكر قتله عقب هذا، وفيها:
فذاقوا غب أمرهم وبالاً
لكل ثلاثة منهم بعير
فأحلوا عامدين بقينقاع
وغودر منهم نخل ودور. 1هـ
الهوامش:
- فتح الباري 7: 333
- المصدر السابق
- المصدر السابق 7: 333 و334
- المصدر نفسه 7: 334
- المصدر نفسه
- أيضًا
- أيضًا
- 8. “الرويّ: هو الحرف الذي تُبنى عليه القصيدة وتُنسب إليه، فيقال: قصيدة دالية أو تائية”. عرّفه الجرجاني (ت 816هـ) في “كتاب التعريفات” ص: 151 ت إبراهيم الأبياري، ط: دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان 1413هـ، الثانية
أما “التضمين” فهو على معان…. منها (في البديع): أن يأخذ الشاعر أو الناثر آية أو حديثًا أو حكمة أو مثلاً، أو شطرًا أو بيتًا من شعر غيره بلفظه ومعناه، المعجم الوسيط: مادة (ضمن).