“بداية النهاية: إسرائيل ستنهار خلال عامين… والإسرائيليون يفرّون كالفئران”
21 أغسطس, 2025رحلة أدبية ثقافية ترفيهية ينظمها النادي العربي لطلبة دار العلوم لندوة العلماء
21 أغسطس, 2025فرسان العلم والأدب
بقلم: د. محمد أكرم الندوي، أوكسفورد
في زمن امتلأت فيه المكتبات بالمؤلفات المتنوعة، يبرز كتاب “فرسان العلم والأدب” لفضيلة الدكتور محمد وثيق الندوي، كإضافة متميزة إلى المكتبة الإسلامية والعربية، فهو عمل يجمع بين عمق الفكر وجمالية التعبير، ويعيد إلى الذاكرة سير أعلام الفكر والعلم الذين أسهموا في بناء الحضارة الإسلامية، فجاء بمثابة جسر يربط الأجيال الجديدة بميراث الأمة الثقافي والفكري.
الدكتور محمد وثيق الندوي، أستاذ الأدب العربي بدار العلوم لندوة العلماء ورئيس تحرير صحيفة “الرائد”، يُعد من أبرز الكتّاب المعاصرين في شبه القارة الهندية، يمتاز أسلوبه بالمزج بين رصانة الفكر ورقة اللغة، مما يضفي على كتاباته بعدًا أدبيًا يأسِر القارئ، ويمنحه متعة فكرية ولغوية في آن.
يتميّز هذا الكتاب بكونه ليس مجرد مجموعة سير أو مقالات؛ بل هو رحلة معرفية ممتدة عبر عصور من الفكر والأدب، يستعرض خلالها المؤلف نماذج لشخصيات علمية وثقافية بارزة أثرت الحياة الفكرية في شبه القارة الهندية، مثل الإمام السيد أحمد الشهيد، والأستاذين محمد الرابع الحسني الندوي ومحمد واضح رشيد الندوي، ممن نذروا حياتهم للعلم والدعوة وخدمة الأمة.
ويتفرد الكتاب بميزتين رئيسيتين: أولاً: طريقة العرض؛ حيث لم يقتصر المؤلف على السرد التاريخي الجاف؛ بل غاص في التجارب الإنسانية والفكرية لأصحاب السير، مستنطقًا اللحظات المفصلية في حياتهم، مما منح النص حيوية وجاذبية جعلت القارئ يعيش التجربة ويتفاعل معها شعوريًا ومعرفيًا.
ثانيًا: البُعد الفكري والمنهجي الذي أضافه تقديم الدكتور بدر الدين زواقة، أستاذ الدعوة وفلسفة التواصل بجامعة باتنا – الجزائر، والذي شكّل مدخلًا مهمًا لفهم الكتاب، فقد أشار في تقديمه إلى أن هذا العمل لا يقتصر على التراجم، بل يُعدّ وثيقة تربط الماضي بالحاضر، وتجسيدًا حيًا لإمكانية الجمع بين الفكر والعاطفة، والتحليل والتأمل.
أكد رئيس ندوة العلماء، فضيلة الشيخ بلال عبد الحي الحسني الندوي، خلال حفل إصدار الكتاب، أهمية هذا العمل للطلاب ودارسي الأدب، مشيرًا إلى قيمته اللغوية والتربوية، حيث يُقدّم نموذجًا رفيعًا في اللغة والأسلوب، إلى جانب ثرائه في المحتوى وسعة المعرفة التي ينقلها.
وقد شكّل مجلس إصدار الكتاب، الذي عُقد بعد صلاة العشاء، مناسبة احتفالية عبّر فيها الحاضرون من طلاب وأساتذة عن تقديرهم لهذا العمل الذي يُعيد إلى الأذهان سِيَر رجال جمعوا بين الفكر والعمل، والإخلاص والعلم، فكانوا بحق فرسانًا في ميادين الأدب والمعرفة.
لا يكتفي الكتاب بمخاطبة العقل، بل يلامس الذوق ويُحرّك الوجدان، ويجعل من السيرة الذاتية أدبًا حيًا يحمل القيم والمعاني، فهو جدير بأن يُدرّس في الحلقات العلمية، ويُقرأ بتمعن في زوايا المكتبات، لما فيه من استلهام لتجارب الكبار، وتذكير بمكانة الكلمة الصادقة في بناء الأمم وتشكيل وعي الأجيال.
إن “فرسان العلم والأدب” مرآة صادقة لرؤية المؤلف، وثمرة ناضجة في حقل التأليف العربي المعاصر في الهند، ويوصى به بقوة لطلاب العلم ومحبي الأدب والفكر؛ فهو كتاب يعبر الزمن، ويحمل في طياته روحًا تربط الماضي بالحاضر، وتوقظ في القارئ جذوة السعي نحو الحقيقة والجمال.