الموت للمؤمن تحفة وكرامة وراحة من عناء الدنيا إلى نعيم الآخرة
20 مايو, 2025حق الله تعالى على العباد
22 مايو, 2025طوبى لمنفق المال في الحق وللعالم المعلم المخلص
عبد الرشيد الندوي
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا حَسَدَ إلّا في اثنتَينِ: رَجُلٍ آتاه اللهُ مالًا، فسَلَّطَه على هَلَكتِه في الحَقِّ، وآخَرَ آتاهُ اللهُ حِكمةً، فهو يَقضي بها ويُعلِّمها».
تخريج الحديث: أخرجه البخاري (73)، ومسلم (816)، والنسائي في السنن الكبرى (5840)، وابن ماجه (4208)، وأحمد في المسند (4109) واللفظ له.
شرح الحديث: قال النووي: قال العلماء: الحسد قسمان: حقيقي ومجازي، فالحقيقي: تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة.
وأما المجازي، فهو الغبطة، وهي أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة.
والمراد بالحديث: لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما.
وقال الحافظ في الفتح: قوله: (هلكته) بفتح اللام والكاف، أي: إهلاكه، وعبّر بذلك ليدل على أنه لا يُبقي منه شيئًا.
وكمّله بقوله: (في الحق) أي: في الطاعات، ليزيل عنه إيهام الإسراف المذموم.
وقال العراقي في طرح التثريب:
قال النووي في قوله في حديث ابن مسعود: “فهو يقضي بها ويعلمها”، معناه: يعمل بها ويعلّمها احتسابًا.
ثم قال العراقي: ويدخل فيه أيضًا القضاء بالعلم، وفصل الخصومات به.
إن هذا الحديث الشريف قد جمع بين شرف المال المنفق في سبيل الله، وشرف العلم والحكمة مقرونًا بالعمل به والدعوة إليه.
فهو يرشد إلى أن التنافس المشروع بين الناس ليس في التفاخر بالمظاهر أو الركض خلف الدنيا، بل في السعي لإدراك مراتب الطاعة والبر.
فكأن الحديث يقول: من أراد أن يتمنى نعمة غيره، فليتمنَّ حال هذين، لا حال من جمع مالًا ليخزنه، ولا من تعلم علمًا ليجادل به أو يفاخر.
فالغبطة محمودة مطلوبة في مثل هذه المقامات التي يُبتغى بها وجه الله وحده.
فوائد الحديث:
- الحث على الإنفاق في طاعة الله بلا تقتير ولا إسراف.
- تعظيم شأن العلم المقترن بالعمل والدعوة.
- بيان أن المقصود من الغنى والعلم هو البذل والنفع، لا الكتمان ولا التفاخر.