أمة الشهادة على البشرية
21 نوفمبر, 2024… إلى الاستعراض والمحاسبة
جعفر مسعود الحسني الندوي
سؤال ينبغي لكل واحد منا أن يوجهه إلى نفسه قبل أن يأوى إلى فراشه، ويسلم نفسه للنوم وهو “من أنا”؟ نعم، من أنا، بأي دين أدين، وإلى أي أمة أنتمى؟، ثم عليه أن يحاسب نفسه في ضوء الإجابة على هذا السؤال المطروح على نفسه، ويستعرض الأعمال التي قام بها في النهار،من الصباح إلى المساء، في البيت، والسوق، والشارع، وفي أماكن أخرى يجتمع فيها الناس.
هل كانت تلك الأعمال التي أنفق فيها جهده، وأتعب فيها نفسه، هل كانت توافق ما يدين به من الإسلام، وهل قام بوظيفته التي أسندت إليه من قبل ربه بصفته مؤمنًا به، من إقامة الصلاة، وبر الوالدين، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وإلقاء التحية، ورد السلام، وعيادة المرضى وتشييع الجنازة، وإعطاء حق الجار، والصدق في القول والإحسان إلى الأقارب.
هل احترز عن كل ما نهى عنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من إساءة الظن، وكشف العورة، وإلصاق التهمة، والوقوع في العرض، والانتهاك بالحرمة، والنيل من الكرامة، وشهادة الزور، ونكران الجميل، واقتطاع الحق، وبذاءة الكلام، والإتيان بالفاحشة وأكل المال بالباطل، والكذب والنميمة، واللمز والهمز، والغيبة والخديعة، والازدراء والسخرية، والعربدة والمجون.
هل أدى ما تقتضيه عضوية الأمة المحمدية، من الألفة والمحبة، والعدل والقسط، والإيثار والنصح، والمساواة، والتعاضد، والتعاطف، والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى تشتُّت شملها، وتمزُّق جمعها، وتفرُّق كلمتها.
هل التزم بالضوابط التي حددها الإسلام لمن يختاره كدين وعقيدة، وينضم في سلكه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم حرمات المسلمين ومن حقوق المسلمين على المسلمين.
فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ههنا، ويشير إلى صدره الشريف ثلاث مرات – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
فعلى كل واحد منا أن يقارن حين يخلو بنفسه بين الحسنات والسيئات التي أتى بها في النهار، ويفكر فيما خسر لمعارضة أحكام الشرع، وفيما ربح للعمل بما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم من الأوامر الإلهية، ويعقد العزم على أن اليوم القادم سيكون أحسن من اليوم الذي قضى من حيث العمل والسلوك، تزداد فيه الحسنات وتقل فيه السيئات، وهكذا يتدرج في أعمال الخير حتى يصبح كل ما يصدر منه من القول والعمل وفق الشريعة، وسيأتي في حياته ذلك اليوم السعيد الذي يخلو عن كل ما يسخط ربه.