خطوات نحو تطوير النفس وترقيتها

إصلاح النفوس عمل مبدئي في الإسلام
18 يوليو, 2024
الهجرة المحمدية: من مكة إلى المدينة وبداية عهد جديد
7 أغسطس, 2024

خطوات نحو تطوير النفس وترقيتها

عبد اللطيف (زاهدان)

إن تطوير الذات وترقية النفس هو أهم خطوة يخطوها إنسان عاقل في حياته، وهي عملية مستمرة يحتاج إليها كل فرد ناجح، وإن حديث الإنسان مع نفسه هو نقطة الانطلاق نحو الحيوية والفاعلية والتفوق، وإن اكتشاف العلل الكامنة في النفس التي تشكل عوائق التغيير والتطوير هي بداية مباركة لكل خير في الحياة.

فإذا وجد الإنسان من نفسه شوقا ولوعة نحو المعالي فليغتنمها فإنها نفحات مباركة مرت به فإن لله نفحات في أيامه، فليكن خير متعرض لها، وليوطن نفسه علي المجاهدة في سبيلها والصبر علي عرقلة الطريق وصعابه، ولا يكن كالذين تتقاذفهم الأهواء، وتجتذبهم المطامع، وتحول دون وصولهم إلي المعالي رغبات النفس الدنية، ويتخبطون في مستنقعات الجهل والحرمان.

فالتعرض للنفحات المباركة التي يجدها الإنسان في حياته هو خير معين لتطوره وتقدمه في ما يهدفه من المعالي. وإن تطوير الذات لا يتحقق إلا بإرادة صارمة فإنها هي المعول الذي يستطيع بها الإنسان أن يشق طريقا في الجبل، فمن قرر عدم الاستسلام فهو الناجح في مهامه.

إن تطوير الذات لا يمكن إلا بإيجاد تغييرات أساسية في مناحي مختلفة من حياته غير محتفل بما تعترضه من أشواك وعقبات، فإن الإنسان إن لم يخاطر بشيئ فلن يملك شيئا.

  1. تغيير الأفكار

إن الخطوة التي يخطوها الإنسان هي بذرة الفكرة التي تعين وجهته في الحياة، فإن عظمة الإنسان في فكره لا في جسمه، فإذا استطاع أن يصمد أمام نوازع النفس ورغباتها، واستطاع أن يغير فكرته من سيئة إلي حسنة ومن سافلة إلي عالية ومن صغيرة إلي كبيرة فهو الذي أشرقت شمس السعادة في حياته. فتغيير الأفكار هو طريق ممهد للوصول إلي الأهداف النبيلة، وبه يتمكن الإنسان من تطوير حياته تطويرا حسنا، وما من ناجح في العالم إلا وهو قد قرر تغيير أفكاره تغييرا جذريا حتي يكون متميزا بين أقرانه، فقرار تغيير الأفكار قرار جذري يمكن به بناء الآمال الطيبة عليه، وهو خطوة أساسية لتحقيق التطوير المنشود. ومن لم يتمكن من ضبط أفكاره في مهامه وفي تقدمه، فإن الأفكار المختلفة ترديه في أودية الهم والغم واليأس.

  1. تغيير القدوات

قد يقتدي الإنسان في حياته بمن هو فاشل في أموره، غامس إلي الأذقان في الأمور التافهة، وأحاطت به الهموم والغموم، وقد يكون قدوته من ليس له صلة بالدين ولا يؤمن بالله العظيم ممن يراهم في الأفلام ويتابعهم في المسلسلات، وقد يمد عينيه إلي رجل متعه الله من زهرة الحياة الدنيا ليفتنه فيه.

فالإنسان اللبيب لا بد أن ينتبه من غفلته، وينتهي عن غيه ويئوب إلي الله ويغير اتجاهه من الدنيا إلي الآخرة ومن المال إلي المآل، ومن الشهرة إلي القبولية عند الله. فمن أراد تطوير نفسه فليغير قدواته، وليكثر من قراءة سير أصحاب العزائم والناجحين من أمة محمد صلي الله عليه وسلم الذين حققوا إنجازات هامة.

لا شك أن من قضي أكثر أوقاته بشيء فهو يتأثر منه، ومن أكثر من قراءة سير العظماء يصير رجلا يقتدي بالرجال، ومن قضي أوقاته بأشباه الرجال فلا يكاد يكون عظيما.

  1. تغيير الاهتمامات

قد يأنس الإنسان بأمور بسيطة تعود عليها، ويري من الصعب التجنب عنها، وقد يقضي أيامه باللهو واللعب، ولا ينبغي للمؤمن الحصيف البقاء علي الاهتمامات التي يعرف أنها عامل في تراجعه وتخلفه، فإن البقاء على الأمور التي لا يجدي صاحبها لا في الدنيا ولا في الآخرة يسبب الخسران العظيم. فكم من إنسان عاش من دون أن يكون لحياته جدوى، وقد يهتم الإنسان بأمور غير هامة لا ينبغي البقاء عليها، أو لديه اهتمامات لا تتوافق مع أهدافه وطموحاته، فإن أفقر الناس من عاش بلا آمال.

فتغيير الاهتمامات يقرر للإنسان طريقا إلي النجاح، ويلزمه أن يوطن نفسه على هذا التغيير والخطر، فإنه إن لم يخاطر بشيء فلن يملك شيئا أعلى منه.

ومن يتهيب صعود الجبال ٫٫ بهش أبد الدهر بين الحفر.

  1. تغيير العلاقات

العلاقات لها تأثير كبير في حياة الإنسان فيمكن له أن يكون بها في ارتقاء وازدهار، ويمكن أن يعيش بها حياة سافلة لا يعرف إلا اللهو واللعب. إن الإنسان يرتقي مدارج النجاح والفلاح بعلاقاته الحسنة الممتازة، وهو يسقط في حضيض الذل والهوان بعلاقاته السيئة. فمن بادر بتغيير العلاقات من سيئة إلي حسنة فهو الإنسان القوي الذي بإمكانه أن يغير كل شيء، وأيضا قد يكون هذا العائق الأكبر في مسيرته إلي الله تعالي.

وكثيرا ما تنطفئ شعلة الأمل الطيب والطموح في النفس بمصاحبة الفارغين واليائسين الذين لا يعرفون إلا الشكوى والتذمر، ولا يخطون خطوة جادة نحو المعالي، ولا يرضون بتقدم الآخرين، فينبغي للإنسان أن يبقى بعيدًا عن الذين يستهينون بقدراته وطموحاته.

  1. تقوية المهارات

إن تطوير الإنسان لا يحصل من دون تغيير إيجابي في مهاراته وترقيتها، فإن المهارات هي اللبنات التي يبني بها الإنسان حياته العلمية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، وإن قيمة كل امرئ ما يحسنه، فلا يمكن للفرد الإسهام البناء في المجتمع، ولا يمكن له التحلق في سماء المجد إلا بمهاراته.

وإذا اكتشف الإنسان مواضع النقص والخلل من نفسه، وأراد سدها وحاول محاولة جادة فيها فإنه سيغلب الصعاب ويوفق لإنجازات هامة في حياته، فالسعي لترقية المهارات هو الطموح الذي تبنيه الإرادة الفتية، وهو القرار القوي الذي يضمن للإنسان التألق والتميز.

  1. تغيير العادات

إن العادات السيئة غير المرضية هي العوائق التي تحول دون وصول الإنسان إلي أهدافه العالية، ومن لم يستطع التغلب عليها فقد سقط ضحية في معركة غير دامية، ومن ضحى بمألوفاته وعاداته السيئة فهو الموفق الذي تفتح له الأبواب المغلقة، وهو سيخرج من الخمول والقعود إلي الفاعلية والحركة.

إن قرار تغيير العادات السيئة واستبدالها بالحسنة هي أكبر انتصار للإنسان على نفسه، وهو ميزة أصحاب الهمم الذين يتطلعون إلي القمة ويسعون لها سعيها. فلا يمكن للإنسان أن يحرر نفسه من الركود والسقوط والتراجع إلا بهمة عالية في سبيل تغيير عاداته التي تمنعه من التقدم والتميز.

×