السيد رياست علي الندوي

الشيخ السيد أبو الحسن علي الندوي وتأليفه “الطريق إلى المدينة” في ضوء حب النبي صلى الله عليه وسلم (1)
6 يونيو, 2024
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه
6 يونيو, 2024

السيد رياست علي الندوي

مبين أحمد الأعظمي الندوي

السيد رياست علي الندوي: مؤرخ خبير بالتاريخ الإسلامي، ومؤلف متميز، عمل في دار المصنفين أكاديمية العلامة شبلي النعماني بأعظم جراه، وتنقل في معاهد علمية مختلفة، وترك لنا عدة تآليف.

مولده ودراسته:

ولد في 8/ من أبريل سنة 1904م المصادف 20/ من صفر المظفر سنة 1323ه في قرية “آبگيلہ” (Abgila) في مديرية ” گیا”(Gaya) من ولاية بهار، ونَهَل مبادئ علومه في بيته، ثم دخل المدرسة العصرية العالية بـ” صاحب گنج” بـ ” گیا”، ثم صار متنقلاً في مدارس مختلفة إلى أن اتجه إلى دار العلوم لندوة العلماء سنة 1916م والتحق بها، وقرأ فيها فاتحة الفراغ سنة 1924م.

في مجال العمل:

وفي السنة نفسها، انضم إلى سلك المساعدين العلميين في أكاديمية دار المصنفين بأعظم جراه مع زميله في الدرس الشيخ معين الدين أحمد الندوي، وذلك تحقيقاً لرغبة العلامة السيد سليمان الندوي رحمه الله، وفي عام 1926م عهِد إليه السيد سليمان الندوي إعداد مجلة “معارف” الصادرة من الأكاديمية نفسها، فكان يلخص مقالات هامة للمجلة، ويكتب تعليقاتٍ على المطبوعات الجديدة، وأجوبةً عن الأسئلة المطروحة في “باب الاستفسار” للمجلة، وفي سنة 1937م، أو كما يقال: سنة 1938-1939م ترك دار المصنفين، ورجع إلى بيته، وبذل سعيه لأن يعتلي منصب المدير للكلية الإسلامية شمس الهدى الكائنة بـ “بتنه” ولكن لم تتحقق رغبته، فتولى مسؤولية إصدار المجلة الأردية “نديم” الصادرة من”گیا”، واعتزم أن يرفعها حتى مستوى مجلة “معارف”، ولكنه لم ينجح في ذلك بسبب المشكلة المالية، ثم عاد إلى دار المصنفين سنة 1942م، وفي هذه المرة بدأ يسهم في العمليات السياسية كذلك، ثم نجح أن يتم اختياره كمديرٍ للكية المذكورة آنفاً في 23/ من يناير سنة 1949م، فغادر إليها يتسلم منصبه بها، وبقي عليه حتى 27/ من أكتوبر سنة 1958م، وفي سنة 1959م انتقل إلى معهد البحث والتحقيق للغة العربية والفارسية بـ بتنه” بولاية بهار كرئيسٍ للقسم العربي بها، وعمل فيها سبع سنوات، وتقاعد منها على المعاش، ثم -كما ذكر صاحبُ “تذكرہ علمائے بہار”- عُيِّن من قِبل لجنة المنح الجامعية (UGC) أستاذاً محاضراً في اللغة العربية في جامعة “مگدہ”(Magadh University) ومكث هناك حتى 1967م. ثم استأثر السكون في قريته. وتجدر الإشارة إلى أنه زمن إقامته في “بتنه” أراد أن يؤسس مؤسسة علمية باسم “إدارة المصنفين” على غرار أكاديمية دار المصنفين، ويبدو أنه قام لها بتحضيرات أساسية أولى، ولكنه لم يستطع إكمالها، فذهبت جهوده أدراج الرياح، ولم يتحقق حلمه.

أعماله الأكاديمية:

له اهتمام زائد بموضوع التاريخ، فألف فيه كتباً عديدة: أشهرها “تاريخ صقليه”(تاريخ صِقِلِّية) في مجلدين، و”تاريخ أندلس” (تاريخ الأندلس) في خمسة مجلدات، طبع منها الجزء الأول، وهو يحتوى على التاريخ الإسلامي للأندلس من بدايته إلى عهد عبد الرحمن الأوسط بن الحكم (238ه/853م)، أما البقية فالثاني والثالث والرابع منها مكتملة والخامس غير مكتمل، ولكن مسوداتها كلها كان ذهب بها المؤلف رحمه الله إلى بيته لمراجعتها النهائية، وحالها غير معلومة الآن، و”أئمۂ اسلام” (أئمة الإسلام)، وهو في الأصل ترجمة “رفع الملام عن الأئمة الأعلام” للعلامة ابن تيمية رحمه الله باللغة الأردية، ترجمها وهو ابن إحدى وعشرين سنة، و”سرگزشت ادب ترکی” (قصة الأدب التركي)، و”اسلامي نظامِ تعليم” (النظام التعليمي الإسلامي)، و”عہدِ اسلامی كا ہندوستان” (الهند في العهد الإسلامي)، و”عهدِ رسالت وخلافتِ راشده” (عهد الرسالة والخلافة الراشدة)، و”تاريخ التاريخ” لم يطبع بعد، وإضافةً إلى ذلك، له مقالات أخرى عديدة حول شتى المواضيع، كانت تنشرها مجلة “معارف” بدءاً من سنة 1926م وانتهاءً بسنة 1950م. أعماله كلها باللغة الأردية.

وفاته:

أُصيب بإعتام عدسة العين (Cataract) قبل وفاته بأيام، فعجز بسببه عن القراءة والكتابة، فأجريت له العملية الجراجية التي نجحت وأعادت قوة بصره، وكان قد أراد أن يعود إلى دار المصنفين ويكمل البقية من تاريخ الأندلس، ولكن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وافاه الأجل يوم الأحد في 14/ من نوفمبر 1976م في قريته، ودفن فيها في مقبرة آبائه. غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.

×