كيف تبقى هذه الأمة عزيزة منتصرة؟!
17 مارس, 2024واجبنا نحو غزة
6 يونيو, 2024الكرة في ملعبنا
جعفر مسعود الحسني الندوي
إن ما نراه اليوم من الشقاق والافتراق،والتفكك والتشتت، والانحلال والإباحية والعرى، والأمراض والأوبئة، وما نمر به اليوم من الهزائم والانسحاب، والإبادة والتشريد، والهجمات والقتل والنهب،والقذف والتدمير، وما نواجهه اليوم من الأحداث الخطرة التي ألمت بنا نحن المسلمين من الاجتياحات والعدوان والبغي والاحتلال والإفساد والإساءة والظلم والاضطهاد وسلب الحقوق، هي من الأمور التي أخبرنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وورد ذكرها في الأحاديث، وذكر لنا تلك الأسباب التي تؤدي إليها، وبين لنا طرق التجنب منها.
عن زينب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم تقول: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا يقول: “لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب”، قالت زينب: ” فقلت: أنهلك وفينا الصالحون، فقال نعم، إذا كثر الخبث”. ألا يدل على ظهور الخبث وانتشاره، التعامل بالربا، والانحلال الخلقي في أوسع صوره، والطرقات التي تمتلئ بالكاسيات العاريات، والأفلام الإباحية، والعلاقات غير الشرعية بين الرجل والمرأة، وهذه الفضائيات التي تبث سمومها، وتنشر فسادها ليلاً ونهارًا؟.
جاء فتى من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس فقال: ” يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المؤمنين أفضل؟ فقال أحسنهم خلقًا”، ثم سأل: “أي المؤمنين أكيس؟ قال أكثرهم للموت ذكرًا وأحسنهم استعدادًا له”. هل نكثر ذكر الموت؟ وهل نستعد له كما ينبغي؟، هل يشهد أعداؤنا بحسن أخلاقنا، فكيف نعد من الفضلاء؟.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على المهاجرين، فقال: “يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا”. ألا نشهد أمراضًا وأوبئة لم تكن معروفة من قبل، انفلونزا الخنازير، انفلونزا الدجاجات، انفلونزا… انفلونزا… وأخيرًا ما رأيناه من دمار وأموات سببت لنا جائحة كرونا، “ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة”. ونقص المكيال والميزان يدخل فيه الغش بكل أنواعه، والسنين تشمل القحط والمجاعة والغلاء، والبطالة وارتفاع الأسعار وعدم القدرة على الشراء، وعلى ما نشهده في كل دولة يشكل فيها المسلمون أغلبية أو أقلية،”ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، “ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم”، ألا يأخذ منا العدو كل ما يشاء ومتى ما يشاء، ونحن نضطر لندفع إليه كل ما يطلب منا، وكما قال أحد الخبراء السياسيين والمحللين البارعين في حرب الخليج الأولى انتقلت من أيدي المسلمين إلى أيدي عدوهم أكثر من ألف مليار دولار، وفي حرب الخليج الثانية انتقلت من أبدي المسلمين إلى أيدي عدوهم مثل هذا المبلغ، “وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم” (رواه ابن ماجه في سننه).
ألا يريق المسلم دم أخيه المسلم؟، ألا يطلق عليه النار؟، ألا يذبحه بالسكين؟، ألا يعاديه؟ ألا يعتدي عليه؟، ألا ينهب ماله؟، ألا يدوس كرامته؟، يفعل كل ذلك، ثم يبكي على من سلط عليه بذنوبه، ويدعو عليه فلا يستجاب له.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم في قوم مرجت عهودهم وأماناتهم وصاروا حثالة كحثالة الشعير، فقالوا: كيف نصنع يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اصبروا واصبروا، وخالقوا الناس بخلق حسن، وخالفوهم في أعمالهم”. فهل نصنع ما أمرنا به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لنقي أنفسنا من الوقوع في هذا المرج الذي أنذرنا به صلى الله عليه وسلم ؟.
يقول الله عز وجل: “إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11]
فالله ينتظرنا؛ ينتظر أن نتوب إليه، ينتظر أن نرضيه، ينتظر أن نعمل بما أمرنا به، ينتظر أن نعيش وفقًا لشريعته، وعندئذ ترى من الله ما لا يصدق من دعم وتائيد، وإلهام وحكمة، فالأمر بيدنا أو بتعبير معاصر “الكرة في ملعبنا”.