لماذا تُسْتَهْدَفُ الوحدة الإسلامية؟!

عصافير الأقصى
17 مارس, 2024
مقال طريف: صفحة من الكتاب أو جزء منه
17 مارس, 2024

لماذا تُسْتَهْدَفُ الوحدة الإسلامية؟!

د. محمد وثيق الندوي

(مدير التحرير)

الأمة الإسلامية، أمةُ الوحدة والتضامن، وأمة التكاتف والتعاضد،وأمة التعاون والتعاطف،وأمة التوادد والتراحم، وقد ورد في القرآن الكريم: “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ” [المؤمنون:52] و” إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” [الأنبياء:92]، و” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]  .

وجاء في الحديث النبوي الشريف: ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. (متفق عليه) و”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”(رواه البخاري)

وقد رويت أحاديث كثيرة تدل على أهمية هذه الوحدة التي تتجلى مظاهرها في سائر شعب الحياة الإسلامية حتى في العبادات والسلوك، وقد نهى الإسلام عن كل ما تضر هذه الوحدة، وتعكِّر صفوها،و يؤدي إلى التفرُّق حتى في الكلام، والطعام والمعاملات.

وبهذه الوحدة والتضامن تميَّز المسلمون عن غيرهم،وتغلبوا على الأعداء، ودوخوا في العالم، وفتحوا البلاد، وأحرزوا انتصارات واسعة،وحكموا العالم قرونًا طويلة،وكلما وجدت هذه الوحدة كان المسلمون قوة عالمية كبرى،خضعت لها الأكاسرة والقياصرة، والجبابرة والطغاة والحكام والملوك، ودانت لها الدول والقوى القاهرة، و لذلك توجد أمثلة كثيرة في مختلف فترات التاريخ الإسلامي، وكانت هذه الوحدة نعمة على العالم وسبب خير للإنسانية جمعاء، وليست لعنة كما يقول الأعداء، ولذلك قد عمل الأعداء –ويعملون بجدية وتخطيط دقيق –لتمزيق هذه الوحدة، وتفتيت الشمل بوسائل شتى،يقول لورانس براون(Browne): “اذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرًا، أو أمكن أن يصبحوا أيضًا نعمة له،أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير”. ويقول القس سيمون(Simon): “إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر، وتساعدهم على التخلص من السيطرة الأوربية، ولذلك كان التبشير عاملا مهمًا في كسر شركة هذه الحركة، ذلك لأن التبشير يعمل على إظهار الأوربيين في نور جديد جذاب وعلى سلب الحركة الإسلامية من عنصريي القوة والتمركز اللذين هما فيها، وإذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلا ضد الاستعمار الأوروبي، ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر، فان الوحدة الإسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها وسببًا من أسباب وجودها، من أجل ذلك قالوا: يجب أن نحول بالتبشير مجاري التفكير في الوحدة الإسلامية حتى تستطيع الفكرة (الغربية المسيحية) ان تتغلغل في المسلمين”.(Islam and Missions, 44–48   نقلا عن كتاب: التبشير والاستعمار في البلاد العربية للدكتورين: مصطفى خالدي وعمر فروخ، ص:37) .

وإن الموقف المتخاذل الذي يتخذه قادة العالم الإسلامي من الغارة الإسرائيلية على غزة على نجاح العدو في تفتيت الوحدة الإسلامية وشمل المسلمين في العالم والهند ليست بنجاة منه، فما آن للقادة والزعماء  أن ينتبهوا من المخطط العالمي لتمزيق الوحدة الإسلامية التي هي المخرج الأساسي من الأزمات والمشاكل التي تعاني منها الأمة على المستوى العالمي؟

×