مدرسة التضحية والفداء

أوفى من السموأل
26 ديسمبر, 2022
الحلم وتأثيره على النفوس
5 مارس, 2023

مدرسة التضحية والفداء

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كل منا – أيها الاخ – يتحدث عن الانقلاب الهائل الذى أحدثه الاسلام، ويلهج لسانه بما لعب به السلف الصالح من دور القيادة في بناء الحضارة وتحقيق الإنجازات الرائعة في تاريخ العلوم والفنون،حقا أنهم صنعوا التاريخ،فأحسنوا الصنع،وبنو الحضارة،فأحسنوا البناء، وحققوا مآثر غير مسبوقة في العلم والتاريخ، حتى قرعوا السماك، وملؤا الدنيا بأمجادهم البطولية وبلغوا من السمو الحضاري أقصى غاياته،ومن الرقي العلمى أرفع مكانته كما يتحدث بعضنا عن تأخرالمسلمين في آخر الزمان وانحطاطهم في مجالات العلم والمعرفة وإفلاسهم في العقيدة والعاطفة فيذهب في تعليلها شتى المذاهب ومتشعب المسالك.

فهل تعرف – أيها الأخ – كيف تحقق كل ذلك لأولئك الرجال الفاتحين المغاوير، وكيف دانت لهم الدنيا بحذافيرها، وخضعت لهم الأعناق المستعصية، وما السر الذي طبق ذكرهم بين الخافقين،وأعلى صيتهم في الوهاد والأنجاد؟ وأي مأثرة جليلة قاموا بها حتى أصبحوا مفخرة الزمان، وعنوان المجد،وغرة الفضيلة،وهامة الشرف؟ وفي أي مدرسة دينية أو جامعة إسلامية درسوا وأي أساتذة تتلمذوا بين أيديهم ؟ وما هي المقررات الدراسية التى خرّجت تلك الرجال الأفذاذ الذين قادوا الركب البشري في العلوم والمعارف، وابتكروا الآراء والأفكار،وهل تعرف السر الذي صاغ منهم أناسا مثاليين، ورجالا قل أن يجود الزمان بأمثالهم ولماذا لم يتحقق لنا مثل ما تحقق لهم من المكرمات والفضائل؟.

 فأنت إذا أردت أن تعرف تاريخ الفتوحات التي حصل لهم فاقرأ حياتهم بجدية وإمعان،وإذا أمعنت النظر في روائع سيرتهم وجدتهم يجمعون بين القول والعمل، وبين النظرية وعاطفة الفداء “فإن سلفك -أيها الاخ- درسوا في مدرسة التضحيات،التابعة للإيمان والإخلاص، فتعلموا،بل تخصصوا في الصبر والاحتمال والجد والكفاح،والمثابرة،والتضحية بجميع أنواعها،والبذل والانفاق في سبيل الله بكل ما لديهم من إمكانيات وجهود وطاقات ومواهب وصلاحيات،فأكرموا ببراعة اختراع لعظيم الإنجازات والمكارم والصناعة التى تزال موضع فخر وإعجاب إلى يومنا هذا، وإن تضحيات أسلافك كانت نابعة من عظيم إخلاصهم بالمبدأ وصادق ولائهم العملى للإسلام”. (صيد القلم)

فإذا أردت -أيها الأخ- أن تصنع شيئا في حياتك فعليك باقتدائهم في تضحياتهم في سبيل المبدأ، والائتساء بأسوتهم في صبرهم وكفاحهم ما استطعت إليه سبيلا،فإن عاطفة التضحية والفداء هى التي تصنع المعجزات،وتأتي بالعحائب، وهي التى ظفرت بها الأمة من النجاح الباهر، وأفاضت على الإنسانية بعطائها المتجدد

×