الفرجة بعد الكربة
20 فبراير, 2022شهر رمضان مضمار للتسابق في الخيرات والحسنات
16 أبريل, 2022يا صاحب الهم إن الهم منفرج
جعفر مسعود الحسني الندوي
التوكل على الله والثقة به، وتفويض الأمر إليه، والإيمان بأن النصر من عنده، وكل من سواه تبع له، وخاضع لأمره، هو علاج كل همّ، وعلاج كل كرب، وعلاج كل خوف، وعلاج كل قلق، وعلاج كل يأس، وعلاج كل ما نعانيه من البلايا والمحن والشدائد والآلام، والخيبة والفشل والخسران والحرمان.
نحن لا نملك إلا السعي، ولا نستطيع إلا الجهد، ولا نقدر إلا على الأخذ بما يسَّر الله لنا من الأسباب، وزوَّدنا من الآلات والأدوات، فعلينا ألا نتأخر في اختيار تلك الأسباب، ولا نقصر في استخدام تلك الآلات والأدوات في حدود قدراتنا وطاقاتنا وإمكانياتنا، ثم نفوض أمرنا إلى الله عز وجل، فهو نعم المولى ونعم النصير، ولكن لا بد لنا أن نصدق في الثقة به والتوكل عليه والتوجه إليه، والإيمان بأنه هو المتكفل الوحيد والمتصرف الفريد؛ لا تسقط ورقة إلا بإذنه، ولا تدب نملة إلا بأمره، ولا يلدغ عقرب إلا بإرادته، ولا يصاب أحد بالهمّ إلا بمشيئته، ولا تنجح المحاولات المبذولة ولا تخيب إلا بتقديره الذي لا يعلمه إلا هو، وقد تأتي النتائج عكس ما كنا نتوقع، فأصابنا اليأس، ولا نعرف ما يحمل لنا الفشل من أنواع الخير، وما يفتح لنا من أبواب السعادة، وما يتيح لنا من الفرص لإعادة النظر في أحوالنا، وإصلاح أنفسنا، وتصحيح أخطائنا، وإعداد نفوسنا، وتقوية صلتنا بربنا، ليكون النجاح حليفنا في الأيام المقبلة “وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” [البقرة:216].
صدق الشاعر وهو يخاطب كل من يصاب بالهمّ ويدبّ فيه اليأس، ويتثبط له الهمة يقول الإمام الشافعي:
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ
لا تَيْأسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً
لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ
إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
هل فكرت فيمن يحبه الله، لا والله لا تتطرق أذهاننا إلى البشارة التي بشر بها المتوكلون على الله عز وجل، يقول الله عز وجل لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم “فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” [آل عمران:159].
فمن أحبه الله يحفظه ويعصمه ويؤويه ولا يتركه وحده، فلا تدخل فيه الهيبة ولا تصل إليه الوحشة ولا يدب فيه اليأس.