حديث عن الخلق والخالق
5 أكتوبر, 2021بين نعمة الإيمان ونقمة الكفر
23 ديسمبر, 2021إِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ!
(سعيد الأعظمي الندوي)
لم يكن الإنسان في هذا العالم الذي جعله مركزًا لذوي العقول البشرية إلا آلة تدار من جميع الجهات، وتُجرى عليه تجارب من كل نوع، حتى إنه أصبح بعض الأحيان ذا فاعلية كاملة في الشئون الكائنية التي يتصرف فيها حسب أهوائه ومطالبه النفسية التي لا علاقة لها بطبيعة الخلق والأمر، ويزعم أنه يقدر على جميع التغيرات والتنوعات التي تطالبها الظروف الاقتصادية والعلمية والأسرية، وحتى الظروف والأحوال الطبيعية التي لا يملكها إلا خالق هذا الكون والإنسان والعلم والإيمان، ومن ثم فإن طبقة من هذا الكائن الضعيف تزعم بأن هذا العالم البشري من جميع النواحي العلمية والاقتصادية والعقدية، وكل جانب من جوانب الحب والمعرفة والعلم والطبيعة خاضع للأهواء التي تعيش في نفس البشر من الناس العائشين في نواحي العالم المختلفة المتنوعة، إلا أن أمة الإسلام، المسلمين إنما كانوا دعاة إلى عبادة الخالق العظيم، وتعريف المسئوليات التي فرضها على عباده وعن طريقهم على أساليب الحياة المختارة للعيش في هذا العالم الإنساني، وذلك بواسطة من التوجيهات السماوية التي أُرسِلَ بها عددٌ كبيرٌ من الأنبياء والرسل لصلاح العالم، وإرشاد الناس إلى ذلك الصراط المستقيم الذي أنعم الله تعالى به على عباده المؤمنين بطريق الدعوة السماوية الأخيرة التي حملها خاتم الأنبياء والرسل والذي حمل رسالة السماء إلى الأرض من أول يوم أكرم فيه بالنبوة إلى آخر يوم الدين “إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا” [الأحزاب:45-46].
ومع وجود هذا السراج المنير أشرق العالم من جميع جهاته، وأرشد الناس إلى تنفيذ التوجيهات السماوية التي فرضها الله سبحانه على ذوي العلم والعقل، وطلب منهم أن يمثلوا نموذجًا عاليًا لأمة الإسلام من البشر ممن تناولتهم تعاليم الكتاب والسنة بالهداية الكاملة إلى العمل بدين الله الأخير الذي يهدي إلى الصراط المستقيم الذي شرحه الله تعالى في آخر كتابه الذي أنزله على آخر نبيه لآخر أمة، هي أمة النبي صلى الله عليه وسلم “أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” [البقرة:5، ولقمان:5].
فهنيئًا لهذه الأمة التي حملت مسئولية الإنسانية العظيمة وتمثيلها في كل جزء من حياتها وأوقاتها ونشاطاتها، وفي يسرها وعسرها، وفي ليلها ونهارها، وفي صيفها وشتائها، وفي أهلها وغريبها، وفي كل لحظة من لحظات الحياة التي وزعها رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم بأمر من ربه على مستوى الحياة والصحة والمرض، والفقر والغنى، والأمر والنهي، وبين الذكر والأنثى، والمعلم والتلميذ، وبين الهادي والمهتدي، وبين جميع أصناف البشر،ذلك لكي لا يُحرم أي فرد من الناس مهما كان من رحمة الله تعالى التي هي قريب من المحسنين.
فلابد من معرفة طرق الإحسان وإتقانها والعمل بها، وتمثيلها أمام المجتمعات البشرية بكاملها، حتى يكون العالم بكامله وحدة إنسانية تتمكن من معرفة الإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، وتقدر على أداء حق الله تعالى مع الانتصار الكامل لدينه ونشر دعوته بين جميع الأوساط الإنسانية والجماعات البشرية، وفي جميع أنحاء العالم شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا، وأرضًا وسماء، وأقرباء وأجانب، وأفرادًا وجماعات، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم.
“وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ” [الذاريات:55-58].