الناصح والمنصوح
21 مارس, 2020مساوئ المدينة
9 يونيو, 2020نحن المسلمين نمرّ اليوم بوضع صعب على أصعدة مختلفة
أخي العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن المسلمين –أيها الأخ-نمرّ اليوم بوضع صعب على أصعدة مختلفة،ونعاني من مشاكل متنوعة كثيرة؛ منها داخلية وخارجية، ومنها دينية ودعوية، ومنها سياسية واقتصادية، ومنها حضارية وثقافية، ومنها تعليمية وتربوية، هذا، وفي جانب آخر يُرَوَّجُ أن الإسلام لم يَعُد قادرًا على حلّ المشاكل الإنسانية، وقد فقد صلاحيته وقدرته على إسعاد البشرية وإنقاذها نظراً إلى ما يعانيه المسلمون من تخلُّف وتدهُّور، وانحطاط وإدبار، وشقاء وحرمان، ونكبات وبلايا، وأما الإسلام فإنه برئ كلَّ البراءة من هذه التهمة، لأنه دين كامل خالد، ونظام جامع وشامل فيه الصلاحية الكاملة والقدرة التامة لقيادة الإنسانية وهدايتها إلى يوم القيامة ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”(المائدة:3) بل يرجع سبب ذلك إلى أتباعه الذين لا يؤدونه حقَّه من الاتباع والانقياد.
فعلى الذين يعتنقون الإسلام –أيها الأخ-أن يخلصوا في انتمائهم للإسلام ويعتزّوا به، ويتمثَّلوا الإسلام العملي في سلوكهم وأخلاقهم؛ بحيث يصبحون أعلاماً حية للإسلام ولدعوته،وذلك يقتضي أن نحرص على غرس الإيمان في النفوس، و توطيد دعائمه وأصوله في القلوب، ففي الحرص على هذا الأصل العظيم سعادة للناس في الدنيا والآخرة، كما يجب أن يستقر هذا الإيمان استقراراً متيناً ثابتاً في قلوب من قدر الله أن يتولوا إنشاء النظام الإسلامي والمجتمع الذي يتمثل فيه الإسلام كدين ودولة.
وإن الاهتمام –أيها الأخ-بالجانب العقدي والمفهوم الإيماني وتربية الأمة عليه ينبغي أن يستمر إلى أن نلقى الله عز وجل، فإنه مهما بلغ الإنسان من الإيمان فإنه لا يستغني عن التذكير به والازدياد والتمكين لدينه سبحانه وتعالى، وهذا العمل يتطلب صفوة مختارة من العلماء والدعاة يتفقهون في الدين بمعنى الكلمة: “وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ”(التوبة:122)
ولابد –أيها الأخ-من الاهتمام بتقوية الإيمان، وتزكية الأخلاق الفاضلة، وكثرة الطاعة لله، والتأسي بأسوة رسوله صلى الله عليه وسلم، والبعد عن المعصية، والتوعية الكاملة والتفقه في الدين، ومعرفة مشكلات العصر وحلِّها، والتدريب العملي على البذل والإنفاق في سبيل الدعوة الإسلامية بالنفس والنفيس، والإخلاص الكامل، والتجرُّد لله تعالى وحده، وهذا الإعداد مع صعوبته وطول مدته التي تحتاج إلى صبر وجلد، خيرٌ من العجلة في جمع جماهير ذوي عواطف تبهج النفس وتنعشها، وعواطف يظهر أصحابُها الطاعة والحب والتفاني في سبيل الدين لرؤية خاصة محدودة،أما الدخول في الإسلام كافة والامتثال الكامل لشريعته فإنهم كالزبد الذي يذهب جفاء والهشيم الذي تذروه الرياح.
فعلى الداعية –أيها الأخ-أن يكون واسع الأفق، عميق الفهم، متين الخلق، قوي الجسم، مستوعباً لقضايا المسلمين في مختلف أنحاء العالم المعاصر، قادراً على تحليل هذه القضايا، ومقدِّمًا حلاً أو حلولاً لها في موضوعية وواقعية وتجريد للحق في ضوء تعاليم الإسلام.
(محمد وثيق الندوي)