أكثر من ستين عاماً!
30 يوليو, 2020نداء اليقظة يدعونا إلى الاستجابة!
1 أكتوبر, 2020عقاب من الله على العصاة!
لقد طال بنا العهد مع الإجازة المسموحة من خلال ما يسمونه “كورونا فيروس” وإن كانت بعض المدارس والكليات والجامعات الرسمية بدأت عملها التدريسي والعلمي عبر الإنترنت الإلكتروني (Online) مع المعلمين والأساتذة وجماعات الطلبة الدارسين فيها، إلا أنها دروس عصرية من العلوم والهندسة والتقنية المادية وما إليها، أما الدراسة الشرعية من الكتاب والسنة من خلال هذا الأسلوب المختار للعلوم العصرية، فسوف لا تغني عن الغاية المنشودة من دراستهما، ذاك أن أحكام هذين المصدرين الأساسيين لن تستوفى ما يراد بدراستهما من شرح عملي وعلمي دقيق، بهذا الطريق المعمول به للدراسات العصرية عبر الإنترنت.
وهل ذلك هو السبب الرئيسي لتوقف النشاط الدراسي وتبادل المعلومات والإفادات بين أصحاب العلم والمعرفة وبين طلابهم ذوي الاستفادات المنشودة من دراسة الدين وأحكام الشريعة الإسلامية، على أن هذا العمل المهم الذي يساوي العبادة في المعنى لم يتوقف في زمن واستمر في جميع الظروف من السلم والحرب والعافية والمرض، وفي جميع أنحاء العالم حيث يسكن المسلمون ويقومون ببناء المساجد والمدارس ومراكز التعليم الديني، كما لا يخفى على الخبراء أن الإسلام قد غزا في كل ناحية من الشرق والغرب، ويمثله المسلمون بالأعمال الصالحة والنشاطات المرضية لله تعالى طاعة واتباعاً لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأداء لأركان الإسلام الأساسية.
فلولا أن التقصير في استيفاء أحكام الدين والأخلاق الذي يصدر من عامة المسلمين، وأحياناً من خواصهم البارزين، لم يحرم العالم الإسلامي بكامله ذلك التوفيق الموهوب من الله تعالى في تمثيل الحياة الإسلامية بكامل معناها، ولذلك فإن توجيه التهم نحو غيرنا من ذوي الاتجاهات المادية الخالصة ممن لا يعرفون لحياة الإنسان هدفًا سوى العيش المرضي في الدنيا،وليس عندهم أي تصوُّر للآخرة، ويزعمون إنما هي الحياة الدنيا نموت ونحيى، ويسعون لتحقيق هذا الغرض وحده دون شعور بالبعث بعد الموت والوقوف عند الله تعالى للحساب حول إنسانيتهم التي أنعم الله بها عليهم وحدهم في هذا الكون الواسع اللانهائي “كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ” [الانفطار:9-12].
ومعلوم أن عذاب الله إذا نزل بمكان لا يميز بين المؤمن والكافر، ولعل ذلك هو السبب فيما إذا سلط على المسلمين من العقاب الذي نراه من قبل غيرهم، ذلك كمنعهم عن الاجتماع في المساجد لأداء الصلوات إلا بعدد قليل جداً مع التفريق بين المسلم والمسلم من المصلين بقدر أقدام عديدة، وكذلك في الجمع والأعياد والجنائز والاجتماعات الدينية دون أن يكون ذلك واجبًا في المناسبات الأخرى لدى غير المسلمين.
إذا تأملنا بقلب مطمئن تبيَّن لنا أن ذلك تنبيه من الله العزيز الحكيم لعباده المسلمين المؤمنين إلى إصلاح حياتهم بالعمل الكامل بشريعة الله تعالى وبالطاعة الكاملة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم “وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا” [الأحزاب:71]، وقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ” [النساء:59].
فهل لنا أن نفكر فيما نواجهه من إعلام وتنبيه على تقصيرات تصدر منا نحو تمثيل الشخصية الإيمانية الكاملة وحياة الطاعة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم “فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ” جاء في الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية رضي الله عنه يقول: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوعظنا موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعظتنا موعظة مودع، فاعهد إلينا بعهد، فقال:
“عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدًا حبشيًا، وسترون من بعدي اختلافًا شديدًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة” (رواه ابن ماجة في سننه في باب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث:12)
إن لنا في هذه الخطبة البليغة دروساً حول ما نعيش فيه من محدثات الأمور والبدع والضلالات معرضين أو متناسين سنة رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين فاغفر لنا وارحمنا يارب العالمين واكتب لنا أن نمثل الإسلام الكامل في جميع أمورنا ونشاطاتنا.
(سعيد الأعظمي الندوي)