الإسلامُ ضالَّةُ العالَم

فقدنا من بني الندوي شيخا
15 مايو, 2023
مسافر إلى الخلود
19 سبتمبر, 2023

الإسلامُ ضالَّةُ العالَم

كتبه / د. أبو سحبان روح القدس

هذا عنوان لطيف، مبتكر، يسترعي انتباه أديب وكاتب ومفكر وداعية، ويحفزهم على التدبر والتمعن، ويولِّد الشعورَ والوجدان، ويجدِّد القريحة والخيال، ويلفت الوقفات واللمسات، و…………

دبجه يراع العلامة المعاصر القاضي أبو يوسف الرفاعي المكي، في مجموعة “إشراقاته” (1: 193).

أما صاحبها فأهل مكة أعلم بشعبها الفذ الأديب المتضلّع هذا، باقتنائه الأسفار، واعتنائه بجمعها وتنظيم مكتبته الزاخرة العامرة.

وإني قد لقيته في موسم الحج عام 2018م في مكتبته الحافلة وقد ساقني إليه صديقي الراحل “محمد عزير شمس” نزيل مكة ودفينها.

وقد زرناه بعد صلاة المغرب، فرحَّب بنا الشيخ الرِفاعي في مكتبته كل ترحيب، وكان مجرى الحديث حول عالم الكتب والمؤلفات والمؤلفين، فتطرق من كتاب إلى كتاب، ومن مؤلف إلى آخر، حتى حان وقت العشاء، والفتيان المرافقان – وهما محمود حسن ومحمد فرمان الندويان – كانا يستعجلان لحرصهما على الصلاة في الحرم جماعة.

أما أنا فلم أشبع من حديث الشيخ الرفاعي وكان الشيخ مقبلاً عليّ لإقبالي عليه ورغبتي في حديثه واغتنام هذه الفرصة الغالية وازداد تنبيه صاحبيَّ للذهاب إلى الحرم كي لا تفوتنا صلاة العشاء فيه جماعة.

فقلت لهما: إن البيت يبقى ويدوم على قدم وساق إن شاء ربه، أما الشيخ الرفاعي فلعلّنا لا نلقاه بعد عامنا هذا لكونه شيخًا معمّرًا وقد طال عمرُه، فلن أفارق مجلسَه حتى أشبع من حديثه وتركن إليه النفس وترتاح، فسُرَّ الشيخ بجوابي هذا ورضي الأخوان، واستمرت الجلسة وحميت وطالت وامتدت حتى شبع الجميع من حديث الشيخ وحسن تكريمه، وصلينا جميعًا العشاء في مكتبته إذ فوجئنا بمجيء الأستاذ “هشام بن عبد الملك الدُّهيش” وقد لقيت والد هشام في مدينة لكناؤ مرتين، وتعرّفنا تلك الليلة على ولده “هشام” وتعشّينا على مائدة الشيخ الرفاعي الفاخرة الواسعة، ولم يكن أحدٌ منّا مستعجلاً، لأن أطراف الحديث استهوتنا في جو علمي هادئ وقضينا بين يدي الشيخ مستمعين حديثه ومتمتعين وقتًا طويلاً، ورجعنا إلى الفندق شاكرين للشيخ وفائزين وغانمين وقد زوّدنا الشيخ في نهاية المطاف مجلدتين من كتاب “الابتهاج في انتخاب المنهاج” لعلاء الدين علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي المتوفى سنة 729هـ ط: دار البشائر الإسلامية ببيروت عام 2018م، المطبوع بتعليقه.

أما ما حرّره الشيخ الرفاعي بعنوان: “الإسلام ضالّة العالم” في المجلدة الأولى من “إشراقات” (ص: 193) فقد ذكّرني بديعة العلامة الأديب “أبو الحسن علي الحسني الندوي” تسمية كتابه المطبق صيته الآفاق “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”.

ومما اتفق عليه الجميع أن هذا العنوان طريف وجديد، لفت أنظار العلماء والأعلام والأدباء والمفكرين في عصره، وقرأوه قراءة إعجاب ومُتعة، واعترفوا بنبوغ مؤلفه، وسمو فكره، وجدّته وأسلوبه، وما إليه.

لا جرم أنه كتاب نفيس، رائع، ذائع الصيت، عظيم النفع، لا يكاد يغني عنه كتاب في بابه.

وقد حظي الكتاب بقبول واهتمام الأوساط العلمية والدعوية على اختلاف مشاربها، وتنوع مدارسها، حتى أثنى عليه الدكتور محمد يوسف موسى في تقديمه للكتاب قائلاً:

“إن قراءة هذا الكتاب فرضٌ على كل مسلم يعمل لإعادة مجد الإسلام”.

وهاك أيها القارئ العزيز ما تترقبه شدة وهو عنوان هذا اللقاء الكريم: “الإسلام ضالّة العالم”، فاقرأه شاكرًا لمن ولّد هذه الفكرة النيرة.

وإنني ألتمس أصحاب القلم تكبير (EnlargemenT) هذه الفكرة وإلقاء الضوء عليها في صفحات صحيفتنا “الرائد” والمجال مفتوح، والحقل شاغرٌ.

“ثمة آراء ومذاهب وفلسفات وتجارب كانت ولا تزال تملأ الدنيا دعاية لنفسها وتنافسًا لإبعاد غيرها، ولكن أسلوبها في إثارة الرغبة فيما يدعو إليه من أنماط الفكر وأسس التخطيط ولحن الخطاب.

وإن من الحق والخير أن يأخذ الإسلام مكانة في العالم اليوم المليء بالصراعات والمتناقضات والدعوات والتنظيمات، ويتمركز صدارة هذا التطور الحاسم في دنيا الفكر الإنساني الذي بات يشمل الفكر والضمير والعقل والعلم والاقتصاد والسياسة، وجميع أشكال حياة العالم في العلوم والمعرفة.

فإسلامنا يعتمد منطق الفطرة، قال تعالى: “فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا” [الروم:30] والمسلم في ضربه في الأرض يستهدي إرادة الله ومشيئته فيما خلق الله من متاع وما وجهه إليه من غاية، ولو جرب الناس جميعًا الإسلام لوجدوا فيه أفضل مبادئ الحق وغايته على نحو يربو على ما يحلم به أشد المصلحين تفاؤلاً بخير الإنسانية وصلاحها – وذلك دين الله القويم – والله يقول الحق وهو يهدي السبيل”. انتهى النص المطلوب.

×