كيف يتحقق لنا النصر؟

طاب حيًّا وطاب ميتاً
3 سبتمبر, 2023
من هو المجرم؟
31 أكتوبر, 2023

كيف يتحقق لنا النصر؟

جعفر مسعود الحسني الندوي

تعالوا! نقرأ هذه الآيات ونرددها، ونمعن النظر فيها، وننظر فيما وعد الله لنا فيها من النعم والآلاء، وقدَّر لنا من الغلبة والانتصار، وقرَّر لنا من النفوذ والسيطرة، وبشَّر لنا بالعلو والرفعة إذا حققنا ذلك الشرط الذي اشترط الله لنا لنستحق التمكين والاستخلاف،ونستوجب لنا تلك الوعود التي يتوقف على الإيمان والعمل، وقد قال الله عز وجل: “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ” [آل عمران: 173-174]، وقال: “إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” [آل عمران:175]، وقال: “وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” [النساء:141]، وقال: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا” [النور:55]، وقال: “وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ” [الصافات:173]، وقال: “وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” [آل عمران:139]، وقال: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، وقال: “إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ” [الحج:38].

هذه الآيات الكريمة المبشرة واضحة كل الوضوح، وهي قطعية الدلالة، وقطعية الثبوت، نؤمن بصدقها وتحقُّق ما جاء فيها، فإذا كان الوضع يختلف عما وعد الله للمؤمنين وبدلا من أن يكون الانتصار والغلبة والسيطرة والاستيلاء والنفوذ والتمكين والاستخلاف للمؤمنين الموحدين، يكون كل ذلك للكفار والمشركين، فماذا نقول عن هذه الآيات التي تعد المؤمنين بالغلبة والانتصار؟ أن كلمات الله ثابتة، ووعد الله حق، وسننه خالدة لا مجال فيها للشك، ولا سبيل إليها للريب، حاشا أن نشك فيها ونرتاب.

إن الله تعالى وعد بتلك الوعود المؤمنين الصادقين الملتزمين بتعاليم الإسلام والوقافين عند كتاب الله، والمخلصين لله، والعاملين بأحكامه، وأما نحن اليوم فنخشى أن نكون ممن وصفه الله في كتابه قائلاً: “فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا” [مريم:59].

في هذه الحالة يجب أن نستعرض إيماننا، هل نؤدي حقه؟ هل نخلص فيه؟ هل يعمل به المسلمون، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لأنهم اعتمدوا على الكثرة واعتبروها تحقق لهم النصر، قال الله عز وجل: “وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ” [التوبة:25]، وأما في عزوة بدر فانتصروا بإيمانهم، وهم ثلاثمئة وثلاثة عشر، على أعدائهم الذين يبلغ عددهم اثني عشر ألف مقاتل مدججين بالسلاح، فكيف نتوقع أن تتحقق هذه الوعود ونحن على ما نحن عليه من ضعف في الإيمان، وتقصير في العبادات، ووقوع في المعاصي، ومخالفة في الشريعة، وتفلُّت من منهج الله،  فعلينا أن نجعل إيماننا كإيمان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونجعل عباداتنا كعباداتهم، وتصرفاتنا كتصرفاتهم، وسلوكنا كسلوكهم، ثم نرجو الله عز وجل أن يحقق وعده، وينصرنا على أعدائنا، ويلقي في قلوبهم الرعب، ويثبت لهم الهمم.

×