صدامات سياسية وقضائية تهز المشهد الهندي

المحكمة العالية في دلهي تلغي التهم الموجهة إلى 70 من أعضاء جماعة الدعوة
21 أغسطس, 2025
البيان الختامي لمؤتمر “عزة مسؤولية إسلامية وإنسانية”
25 سبتمبر, 2025
المحكمة العالية في دلهي تلغي التهم الموجهة إلى 70 من أعضاء جماعة الدعوة
21 أغسطس, 2025
البيان الختامي لمؤتمر “عزة مسؤولية إسلامية وإنسانية”
25 سبتمبر, 2025

صدامات سياسية وقضائية تهز المشهد الهندي

الدكتور محمد سعود الأعظمي الندوي
المعارضة تستهدف رئيس المفوضية العليا للانتخابات
أفادت صحيفة “ذا هندو” في عددها الصادر يوم 18 أغسطس 2025م أن تحالف أحزاب المعارضة يدرس تقديم مذكرة في البرلمان لعزل رئيس المفوضية العليا للانتخابات السيد غيانش كومار، بعد أن اتهمته المعارضة بـ”نشر معلومات مضللة”.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة جاءت عقب قرار المحكمة العليا إلزام المفوضية بنشر تفاصيل استبعاد ست مليون ونصف ناخب من القوائم في ولاية بيهار. واعتبرت المعارضة أن تصريحات كومار منحازة سياسيًا، فيما أكد قادة حزب المؤتمر والحزب الاشتراكي والمؤتمر الترينامولي أن سلوك المفوضية يهدد نزاهة الانتخابات المقبلة.
جدل حول تعيين رئيسة جامعة عليجراه الإسلامية
ذكرت صحيفة “ذا هندو” في عددها الصادر في اليوم نفسه أن قاضي المحكمة العليا ك. فينود تشاندرا أعلن تنحيه عن نظر الطعن المقدم ضد تعيين الدكتورة ناعمة خاتون رئيسةً لجامعة عليجراه الإسلامية، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب.
استند الطعن إلى تضارب مصالح بعد أن منحها زوجها، الذي كان رئيس الجامعة آنذاك، صوته الحاسم في عملية الاختيار. رئيس المحكمة العليا علّق بأن من الأفضل ألا يشارك الرئيس المنتهية ولايته في التصويت، فيما أوضح القاضي تشاندرا أنه يفضّل التنحي لعدم إثارة شبهة تحيز. وبذلك ستُحال القضية إلى هيئة قضائية أخرى، في وقت ترى فيه الحكومة أن تعيين امرأة يحمل “طابعًا تاريخيًا”، بينما يشكك الطاعنون في نزاهته.
راهول غاندي يتهم المفوضية والحزب الحاكم بسرقة الأصوات
أفادت صحيفة ذا تليغراف في عددها الصادر يوم 18 أغسطس 2025 أن زعيم حزب المؤتمر، وزعيم المعارضة في البرلمان راهول غاندي، صعّد هجومه على المفوضية العليا للانتخابات وحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، متهمًا إياهما بمحاولة “سرقة أصوات الناخبين” من خلال حذف أسماء بالملايين من السجلات.
وقالت الصحيفة إن غاندي، خلال مسيرة توحيد الهند “Bharat Jodo Yatra”، أكد أن المعارضة “لن تسمح للحزب الحاكم والمفوضية بالتلاعب بالإرادة الشعبية”. وأضافت أن مؤتمر المفوضية في نيودلهي لم ينجح في تبديد هذه الشكوك، حيث بدت ردودها غامضة وغير مقنعة.
وخلاصة القول إن هذه التطورات تشير، كما عرضتها صحيفتا ذا هندو وذا تليغراف، إلى أزمة ثقة متصاعدة في مؤسسات الهند الديمقراطية. فالمعارضة تضع المفوضية العليا للانتخابات تحت ضغط شديد، بينما تهتز صورة جامعة عليجراه بسبب شبهات تضارب المصالح في تعيين رئيستها. وإلى جانب ذلك، يواصل راهول غاندي استثمار هذه القضايا لتعزيز روايته بأن الحزب الحاكم يسعى للهيمنة عبر مؤسسات الدولة. وبينما تستعد البلاد لاستحقاقات انتخابية مهمة، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة هذه المؤسسات على استعادة ثقة الشعب وضمان حيادها في ظل أجواء سياسية مشحونة.
مراجعة انتخابية مثيرة للجدل
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، وجّه 93 مسؤولاً هندياً متقاعداً من كبار موظفي الخدمة المدنية السابقين، المنضوين تحت مظلة مجموعة السلوك الدستوري (CCG)، رسالة مفتوحة إلى المواطنين، محذرين فيها من أنّ مراجعة القوائم الانتخابية الخاصة في ولاية بيهار تشكّل “أحد أكبر الأخطار التي واجهتها الديمقراطية الهندية في تاريخها”.
اللجنة الانتخابية الهندية أعلنت عمّا سمّته “المراجعة المكثفة الخاصة” (SIR) لسجلات الناخبين في ولاية بيهار، والتي تُلزم ملايين الناخبين بإثبات أهليتهم عبر وثائق جديدة. وبحسب تقديرات البيروقراطيين المتقاعدين، فإنّ ما يقارب 37% من الناخبين في بيهار – أي نحو 29 مليون (2.9 كرور) مواطن – سيُجبرون على تقديم مستندات إضافية لإثبات أهليتهم، رغم امتلاكهم بطاقات الهوية الانتخابية وبطاقات “آدهار”.
تحذيرات من الإقصاء الجماعي
الرسالة التي وجهها البيروقراطيون السابقون وصفت هذه العملية بأنها “مأساة ديموقراطية”، إذ ستؤدي إلى إقصاء الملايين من الفقراء والمهمشين والطبقات المستضعفة عن حقهم الدستوري في التصويت. وأكدت أن اللجنة الانتخابية تتجاهل حتى توصية المحكمة العليا بقبول بطاقة آدهار أو البطاقة الانتخابية كإثبات كافٍ للهوية.
اتهامات بـ”التزوير والتلاعب”
شهادات من الميدان في ولاية بيهار، إضافة إلى جلسة استماع عامة في مدينة باتنا، كشفت عن توقيعات مزورة وتلاعب جماعي في الاستمارات من قبل بعض الموظفين الميدانيين، الأمر الذي عزّز مخاوف النشطاء من أن يكون الهدف الحقيقي هو إعادة إنتاج “قائمة وطنية للمواطنين” (NRC) من الباب الخلفي عبر شطب ملايين الأسماء.
تهديد مباشر للنظام الانتخابي
البيروقراطيون المتقاعدون شدّدوا على أن هذه المراجعة تتناقض مع التقاليد الديمقراطية الهندية التي لطالما أعطت الأولوية لـ”الإدماج” والتأكد من أن كل بالغ يتمتع بحق التصويت، محذرين من أن نقل عبء إثبات المواطنة إلى الناخبين يُعتبر انقلاباً على روح الدستور.
وقد كشفوا أنّ المرحلة الأولى وحدها أسفرت عن تحديد أكثر من 6 ملايين وخمسمائة ألف ناخب اسم مهدد بالحذف، فيما يُتوقع أن تكشف المراحل التالية عن عدد أكبر من حالات الإقصاء.
دعوة إلى الشعب والمحكمة العليا
واعتبر البيروقراطيون أن العملية الحالية “صورية وتمييزية وغير دستورية”، مطالبين الشعب الهندي بالتحرك للدفاع عن حقه في المشاركة السياسية، كما دعوا المحكمة العليا إلى التدخل العاجل، مؤكدين أنّ مصداقية النظام الانتخابي الهندي على المحك.
وخلاصة القول إنّ ما يجري اليوم في ولاية بيهار لا يمكن النظر إليه باعتباره مجرد “إجراء إداري”، بل هو امتحان حقيقي للديمقراطية الهندية ولقدرة مؤسساتها على حماية الحقوق الأساسية لمواطنيها. فالتصويت ليس امتيازاً تمنحه السلطة، بل حقّ أصيل يكفله الدستور لكل مواطن بالغ، وأي محاولة لحرمان ملايين الناس منه تمثّل مساساً بجوهر النظام الديمقراطي.