الدكتور محمود الطَّناحي وكتابه “تاريخ نشر التراث العربي” (2/الأخيرة)

ربيع الأول: من إشراقة الرسالة إلى ترسيخ الأمة واستكمال الدين
25 سبتمبر, 2025
المنصات الاجتماعية كأنظمة سلوكية
25 سبتمبر, 2025
ربيع الأول: من إشراقة الرسالة إلى ترسيخ الأمة واستكمال الدين
25 سبتمبر, 2025
المنصات الاجتماعية كأنظمة سلوكية
25 سبتمبر, 2025

الدكتور محمود الطَّناحي وكتابه “تاريخ نشر التراث العربي” (2/الأخيرة)

د. أبو سحبان روح القدس الندوي
أما كتاب الطناحي هذا فعالج فيه صاحبه قضيتين مهمتين:
إحداهما: قضية نشر التراث العربي.
والثانية: قضية التصحيف والتحريف.
أما القضية الأولى فيتحدث عنها المؤلف في مستهل كتابه (ص: 7) قائلاً:
“يفيدنا تاريخ نشر التراث العربي فائدتين:
الأولى: معرفة تاريخ العلماء والرجال الذين مهدوا الطريق لنا، وسلكوا دروبًا مضنية، واحتملوا عناءًا باهظًا، وأظهرونا على مداخل هذا التراث ومساربه، حين قاموا على نشره وإذاعته.
والثانية: معرفة فرق بين الطبعات، فإن كثيرًا من كتب التراث قد طبع أكثر من طبعة، وتتفاوت هذه الطبعات كمالاً ونقصًا، وصحة وسقمًا”.
أما القضية الثانية وهي “قضية التصحيف والتحريف” فيراها المؤلف:
“من أخطر القضايا في تراثنا العربي” وقال:
“وقد أثارت هذه القضية عجاجًا كثيرًا جرى في إثره الراكضون، حين ردُّوا هذه القضية برُمّتها إلى طبيعة الحرف العربي الذي يتشابه”.
ثم قيّد المؤلف تجاربه في هذه القضية بإبراز حقيقتين:
أولاهما: أن كثيرًا من مظاهر التصحيف والتحريف إنما يرجع إلى الغفلة أو الجهل، وليس إلى طبيعة اللغة العربية والحرف العربي وحدهما.
والثانية: أن بعض صور التصحيف إنما اصطنع اصطناعًا، إظهارًا لمهارة، أو استخراجًا لضحك، أو تشنيعًا بمن ينسب إليه” (ص: 12–13).
وألم المؤلف في نهاية المطاف لقضية التصحيف والتحريف بوسائل أمنهما وأورد عشرة أسباب لهما من واقع تجربته الذاتية مفسِّرًا، وممثّلاً لكل سبب.
وهي برمّتها (ص: 299–313) فيما يلي:
السبب الأول: تشابه رسم الحروف وتساويها عددًا مع إهمال النقط.
الثاني: اختلاف الخط العربي، بين مشرقي ومغربي.
الثالث: عدم المعرفة بلغات القبائل.
الرابع: قرب الحروف وبُعدها في الكلمة الواحدة أو الكلمتين.
الخامس: خداع السمع، وهو التصحيف السمعي.
السادس: خفاء معنى الكلمة عند الناسخ، أو القارئ، فيعدل بها إلى كلمة مأنوسة.
السابع: الجهل بغريب كلام العرب، ويتصل به الجهل بأنماط التعبير عند القدماء، والجهل بسياق الكلام.
الثامن: الجهل بمصطلحات العلوم.
التاسع: الجهل بأسماء البلدان.
العاشر: الألف، وهو باب للتصحيف واسع.
ثم تناول علاج ظاهرة التصحيف قائلاً (ص: 314):
“إن علاج هذه الظاهرة الخطيرة لا يكون إلا بمعرفة دقيقة بأسرار اللغة وخصائص مفرداتها وتراكيبها، وتصرُّف هذه المفردات والتراكيب في كلام العرب، ثم إلمام كاشفٍ بتاريخ هذه الأمة العربية، وأحوال رجالها وكتبها ومصطلحات علومها، وكلِّ ما يمتُّ إليها بسبب.
وهذا لازمٌ لكل من يشتغل بتراث الأمة، ويستوي فيه من ينشر نصًّا، أو يقيم درسًا”.
 وقد صدّر المؤلف كتابه بما يأتي:
• تاريخ الطباعة العربية (ص: 25–30)
• نشر التراث العربي في مصر (ص: 31) وقد مرّ بأربعة مراحل:
المرحلة الأولى: مطبعة بولاق (ص: 31–41)
المطابع الأهلية (ص: 42–57)
المرحلة الثانية: مرحلة الناشرين النابهين (ص: 58–80)
(محمد أمين الخانجي، محب الدين الخطيب، حسام الدين القدسي، محمد حامد الفقي، محمد محي الدين عبد الحميد).
المرحلة الثالثة: مرحلة النضج والكمال (ص: 81–89)
(دار الكتب المصرية)
المرحلة الرابعة: مرحلة الأفذاذ من الرجال (ص: 90–121)
(أحمد محمد شاكر، محمود محمد شاكر، عبد السلام محمد هارون، والسيد أحمد صقر).
• نشاط الهيئات العلمية التي عُنيت بنشر التراث في مصر (ص: 122–154)
(جامعة القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، دار المعارف، معهد إحياء المخطوطات العربية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومجمع اللغة العربية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، المجلس الأعلى للفنون والأداب، دار العروبة).
 نشر التراث العربي خارج مصر (ص: 155–205)
(نشر التراث في تركيا، ولبنان – بيروت –، وسوريا، والعراق، والكويت، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والمغرب العربي، وليبيا، والجزائر، وتونس، والمغرب الأقصى، دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن).
• جهود المستشرقين في نشر التراث (ص: 206–272)
طلائع المستشرقين، ملاحظات حول منهج المستشرقين في نشر التراث، المستشرقون في إيطاطيا، وفرنسا، وإنجلترا، وأسبانيا، وهولندا، وألمانيا، والسويد، والمجر، وروسيا، وأمريكا).
وكان جلُّ اعتمادي فيما كتبت عن الطناحي وأعماله التي كان يزاولها في حقل التحقيق والتنقيب والتأليف على كتاب:
“محمود الطناحي: عالم العربية وعاشق التراث”.
تأليف: أحمد العلاونة.
من إصدارات دار القلم (بدمشق) في سلسلة (9)
“علماء ومفكرون معاصرون: لمحات من حياتهم، وتعريف بمؤلفاتهم”.
أما التعريف بكتابه “تاريخ نشر التراث العربي…”، فقد ألقيتُ على محتواه نظرة عابرة، وأبرزتُ أطرافه اللازمة من خلال تفحُّصي إياه مباشرة، فجاء التعريف به من غير إخلال ولا إغفال، وكان الصواب حليفي بحمد الله وفضله.