كيف يسعد المجتمع البشري

كسب القلوب أولى من كسب المواقف
18 أغسطس, 2024
مثال للحوار البليغ
4 نوفمبر, 2024

كيف يسعد المجتمع البشري

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحياة البشرية – أيها الأخ – تتوقف سعادتها على التعاون، فإن طبيعة العيش في المجتمع تتطلب أن تتوزع الأعباء بين الأفراد بحسب الصلاحيات، وأن تقسم الأعمال بينهم بحسب الكفاءات بحيث يكون كل منهم يؤدي دوره في مجال اختصاصه، إذ المجتمع يحتاج إلى أفراد تختلف مواهبهم وتتنوع كفاءاتهم، ويشتغل كل منهم بمجال يخصه: كالزارع في مزرعته، والقاضي في محكمته، والمدرس في مدرسته والطبيب في عيادته،والحاكم في دائرة حكمه، فلابد من أن يقوم كل واحد منهم بأداء ما عليه من الواجب ويشعر به شعورا قويا، ويتعاون مع من حوله، وبذلك يحس كل فرد فيه من الراحة والطمأنينة ويندفع إلى عمله إلى بذل جهده في إجادته وإتقانه.

لأن المجتمع البشري – أيها الأخ – كالماكينة التي لا تعطينا إنتاجها إلا إذا كان كل جزء منها سليما،وكالبناء الكبير الذي لا يقوم إلا إذا كانت أعمدتها قوية متينة وتقدر على أداء وظيفتها،فعرفنا من خلال هذا التشبيه أن سعادة المجتمع تتوقف على شعور الإنسان بمسؤليته وإخلاصه في بذل الجهد في عمله، “وكلما شعر الإنسان بأن حقوقه مؤداة وأن المجتمع حوله يوفر له مصالحه، ويؤدي إليه حقوقه كان أكثر انصرافا لعمله وإجادة له وهكذا يأخذ الأنسان من مجتمعه بقدر ما يعطيه”.

وإذا ذهبنا – أيها الأخ – نستعرض الرسول صلى الله في حياته الدعوية وجدناه يحث أتباعه على روح التعاضد والتعاون حيث قال الله سبحانه: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ” [سورة النور، الآية: 62]. ويوجه اهتمامه إلى تربية الجيل المسلم على الخشية من الله في سره وعلنه، كما يقوم بإشعاره بأنه لبنة في بناء الأمة وعضو في جسمها الكبير، وإليك بعض التعاليم النبويةالسامية التي تلقن المسلم بأن الله يراقبه ويعد عليه خطواته ويحاسبه على نياته، فعليه أن يكون محسنا في عمله، قويا في نفسه، لأنه لا يؤمن حتى يشعر بشعور أخيه.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه، وقال: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.، وقال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.

×