الأم جوهرة الحياة

قصة اتهام الغلام مولاه
24 أغسطس, 2022
سرسعادة الإنسان
25 سبتمبر, 2022

الأم جوهرة الحياة

(محمد خالد الباندوي الندوي)

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

زخرت هذه الدنيا بضروب من الطيبات وصنوف من اللذات، تتمتع أنت كل يوم بما فيها من النعم، تتقلب في أعطافها وتذوق حلاوتها، فهل ذهب بك التفكير يوما إلى أن تقارن بين هذه الخيرات: صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها؟ وهل قمت بالموازنة بين الفاضل منها وأفضلها، وذلك لأنه لو وجه إليك أحد سؤالا عن أحب شيئ لديك، تعتبره رأس مالك، وقوة حياتك، بحيث لو حرمته فقد حرمت السرور كله والسعادة كلها، ولولاه لما هنأ لك عيش، ولا نامت لك عين، ولا هدأ لك بال، فإذا سئلت عنه –أيها الأخ -فبم تجيب عنه يا ترى؟

لا أدري بم تجيب عنه؟ ولكنى لو كنت مكانك، لأجبت دون تردد  أن الأم هي رأس النعم وأفضل الخيرات في الوجود، نعمة لا تعادلها أي نعمة في العالم، ولاريب أن الأم هي ثمرة الحياة التي لا يمكن أن يعيش الإنسان بدونها، فهي كسماء صافية تظلل أبناءها بظلال شفقتها العميمة، وتمطر عليهم بصيب من حبها وودادها، وانها كأرض رخوة لينة تقدم له أشهى ثمارها وأحلى جناها، تعطف عليهم وتخفض لهم جناحيها.

الأم هي جوهرة الحياة وخلاصة الكون وراحة الفؤاد، لولا وجودها لما عرف الإنسان معنى الحب والعطف والشفقة، ولولا ابتسامتها الحلوة لما سعد العالم بنور السعادة، فحياتها لفلذة كبدها، تربه في أحضانها، وترعاه في أكنافها، تتعب نهارها لينعم هوبالعيش، وتسهر ليلها ليسعد بالنوم، الابتسامة الحقيقية هي ما ترتسم على وجهها من البهجة رغم كل التعب الذي يدركها، ورغم كل الهمّ الذي يصيبها، لا تفكر إلا في أبنائها، فهي وأشغالها اليومية كالليل والنهار في اختلافهما دون كلل أوملل، ما حدث أن تركت واجبا لها أو تراجعت، أو سئمت بأبنائها وتبرمت .

فبفضلها شعرت الإنسانية مفاهيم السعادة والفرح والسرور، وأدركت الأحاسيس الجميلة والمشاعر النبيلة، تأمل مدى حب الأم لولدها في قصة حفظها لنا التاريخ:

“أن بعض أصحاب ذي النون دخل يوما بعض السِّكك فوجد صبيا يبكي وأمُّه تضربه ثم أخرجتْه من الدار، وأغلقتْ الباب دونه فجعل الصبيُّ يتلفَّت يمينا وشمالا لا يدري أين يذهب؟ ولا أين يقصد؟ فرجع إلى باب الدار فجعل يبكي، ويقول : يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقتِ عني بابكِ؟ ومن يدنيني إذا طردتِني؟ ومن الذي يدنيني إذا غضبتِ علي فرحمتْه أمُّه، فنظرَتْ من خَلل الباب، فوجدتْ ولدَها تجري الدموع على خدّيه متعفرا في التّراب ففتحتْ الباب وأخذتْه حتى وضعتْه في حِجرها وجعلتْ تقبِّله وتقول : يا قرةَ عيني ويا عزيز نفسي أنتَ الذي حملتني على نفسك، وأنت الذي تعرضتَ لما حَلَّ بك، لو كنت أطعتني لم تلقَ مني مكروها. (جامع العلوم والحكم ج2 ص:44).

فإن فضل الأم_ أيها الاخ_ لا يمكن أن يعد، وواجب الأبناء أن يردوا من فضلها ولو شئيا بسيطا، لكي يفوزوا برضاها، ويسعدوا بدخول الجنة والصعود إلى أرفع منازلها. لأن الجنة تحت أقدام الأمهات.

×