السلطان الذي رفضت شهادته
17 أغسطس, 2021أنت نسيج وحدك
5 أكتوبر, 2021السعي هو البوابة الحقيقية للأحلام
محمد خالد الباندوي الندوي
أخي العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرأيت -أيها الأخ – إذا كان أحد من إخوتنا مصابًا بنقص جسماني، أو نقص في مظهره العام، أو يشكو من ضعف أو خلل في التفكير، فهل يجدر به أن يتساهل عما تتحسن به حاله ويزول به ضعفه، ويقوم به عوجه؟.
وإذا كان ضعيفًا في المعارف العامة فهل يحسن له أن يظل معرضًا عن منابع العلم والمعرفة،راضيًا بالنقص، أويجب عليه أن يبذل جهده ليتحلى بمزايا ومحاسن تغطى ذلك الضعف، وتعالج ذلك النقص الذي هو فيه.
لاريب في أن سيكون جوابكم: أن السعي لاكتساب مزايا جميلة تغطي النقص، هو أصوب طريق يسلكه أولو العزم من الرجال، والرضى بالدون طبيعة أصحاب الكسل والعجز، لأن الفطرة السليمة تحث صاحبها على اكتساب الخير، وإفراغ الجهد للأفضل فالأفضل، فالسعي للحصول على الكمال عنده خير من التقاعد عن العمل، والتكاسل شر مطية لا يركبها الا الجبان المتقاعس.
وإذا كان جوابكم ذلك فهو الرأي السديد، والجواب الصحيح..
لذا أعتقد أن طالبًا -مثلك -إذا كان مصابًا بضعف في التعبير والبيان فلا يليق به أبدًا أن يستسلم لليأس ويترك نفسه فريسة للهزيمة، وإياه وفتور العزيمة، لأنه مدعاة إلى الكسل والرذيلة، وعليه أن لا يخلد إلى الراحة، فإنها مهما امتدت تولد التعطل والتكاسل، بل عليه أن يقوم بالمحاولة الجادة واتخاذ ما يلزم له من الأسباب التي تمكنه من التعبير، وتعطيه ملكة صالحة في الكتابة والخطابة، وتفتق قريحته، وتنمي قدراته، وتزيده قوة في سليقة البيان، أو ينفق طاقاته لاكتساب فضيلة أخرى تسدّ الخلل، وتجبر النقص وتكفيه ذلك الضعف في التعبير، وإذا كان مثلا غير قادر على التكلم بأي لغة كانت أو يكاد يغلبه العيي والحصر في اللسان فيلزم له كذلك- أولا- بذل الجهد فيما يزيل ضعفه ويصقل لسانه، وإن لم يمكن له ذلك فعليه الحصول على مزية أخرى تجبر النقص، وتغطي الضعف، وإذا كان قليل البضاعة في المعارف فعليه الخوض في بحرها دراسة ومطالعة، وإن لم يجد فرصة لذلك فأمامه باب مفتوح لسعادة أخرى كثيرة تكون خير عوض عما فقده، وخير خلف عما فاته.
هذا عندي طريق صحيح سلكه – من ذي قبل- أصحاب الفكر السليم البعيدين من مرض التكاسل، ومركب النقص.
ولكن نرى في زماننا-أيها الاخ- أن إخوتنا يعكسون القضية ويأنفون من الاعتراف بما فيهم من الضعف والعيب، ويستكرهون من قبول ما بهم من التقصير، ويظلون متمادين في الجهل، غير مبالين، فيضيفون عن طريقهم تلك الخاطئة إلى عيوبهم الطبيعية عيوبا أخرى، فلابد من التجنب -أيها الأخ- من مرض الكسل، والتعامي عن الضعف والنقص، واجعل نصيبك من الحياة اكتساب المحاسن وكن ساعيا، لأن السعي هو البوابة الحقيقية للأحلام، لأن الحكماء قديما قالو من سعى وصل، ومن لا يسعى لا يصل أبدًا.