وفاة الأستاذ الدكتور نذير أحمد الندوي
22 نوفمبر, 2025حفلة التعزية على وفاة الأستاذ نذير أحمد الندوي
22 نوفمبر, 2025الأستاذ الدكتور نذير أحمد الندوي رحمه الله
محمد بسام(*)
(*) الدارس بقسم الاختصاص في الأدب العربي، دار العلوم لندوة العلماء
بقلوب يعتصرها الحزن، وعيون تفيض بالأسى، تلقينا نبأ وفاة أستاذنا الشفوق الدكتور نذير أحمد الندوي الذي قضى حياته في خدمة العلم والدعوة، وبذل جهده في التعليم والتربية وإرشاد الناس وتبصيرهم بأمور دينهم.
قداستفدت منه ما يمكننا في الصف وخارجه حتي في غرفته، كلما دخلت غرفته تهلل وجهه بشرا وقابلني بوجه طلق، وأحيانا أعرض على يديه ما يتسير لي من الكتابة فتنبسط أسارير وجهه ويشجعني ويدعو لي للتقدم إلى الأمام، ويحثني على المطالعة والكتابة، وكان يدرسني في السنة الماضية (حينما كنت في قسم التكميل في الأدب) “مقامات الحريري والبديع” وكان ينبهنا خلال درسه على التعابير الرشيقة، والجمل البديعة، والعبارات الرائعة، وكان ينقل العبارات من العربية إلى الأردية الفصيحة، وأما في هذه السنة (قسم الاختصاص في الأدب العربي) فكان يلقي علينا الدرس من كتاب “الأدب المعاصر في مصر” للدكتور شوقي ضيف وفقه اللغة للوافي.
الدكتور نذير أحمد الندوي: أديب بارع، كاتب قدير، وصيرفي حاذق، كانت له قدرة فائقة على تأدية المعاني في لفظ جزل رصين، وكان متكمنا من اللغة العربية، يصوغ كلامه صياغة يجد فيها قارئوه اللذة والمتعة، وتجري الألفاظ في نسق محكم مطرد، وعبارته في نسق مرسل واضح يقرر الواقع، يتخير الألفاظ ويسعى لاستعمال الكلمة البليغة، وكان يعبر عن عواطفه ومشاعره بأسلوب ملؤه الفصاحة والجمال.
لقد كان الفقيد – رحمه الله – مثالاً للرفق واللين، يلقى بوجهٍ طلقٍ، وكلمةٍ طيبةٍ، عاش بين الناس متواضعاً، محبّاً للخير، ناصحاً لإخوانه، باذلاً وُدَّه لكل من عرفه. كان خُلقه مرآةً صافيةً تعكس صفاء سريرته، فإذا تحدّث أصغى إليه السامعون.
إن الأخلاق الكريمة لا تُكتسب بالمظاهر، ولا تُنال بالرياء، وإنما هي ثمرةُ إيمانٍ صادقٍ، ونفسٍ مطمئنةٍ، وضميرٍ حيٍّ يراقب الله في السرّ والعلن. فطوبى لمن جعل حسن الخلق دِثاره، وابتغى به وجه الله لا ثناء الناس، فذلك هو الخلود الحقيقيّ بعد الرحيل، وذاك هو الذكر الطيب الذي لا تبليه الأيام ولا تطويه السنون.
إن وفاته خسارة كبيرة للأوساط العلمية والأدبية، نتقدّم بخالص العزاء إلى أسرته الكريمة، سائلين المولى سبحانه أن يتغمّده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويجزيه عن علمه ودعوته خير الجزاء، وأن يُلهم أهله وطلابه ومحبيه الصبر والسلوان.
هذه بعض انطباعاتي حول أستاذنا وفقيدنا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

