تصريحات يوغي أديتيا ناث تشعل الجدل حول “شهادة الحلال”
22 نوفمبر, 2025الدكتور نذير أحمد الندوي: الإنسان الطيب والعالِم الأديب
مبين أحمد الأعظمي الندوي
توفي ظهر يوم الثلاثاء السابع من أكتوبر 2025م أستاذنا الأديب البارع الشيخ الدكتور نذير أحمد الندوي أستاذ اللغة والأدب في دار العلوم لندوة العلماء بلكناؤ الهند إثر إصابته بنوبة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز ستين سنةً.
كان الدكتور نذير أحمد الندوي، عالماً فاضلاً، أديباً، وكاتباً، دقيقَ الاختيار للكلمات، حسنَ العرض للكلام، وجامعاً في أسلوبه بين الأصالة والمعاصرة، ففيه سهولة في التعبير، وفيه متانة سبك، وذخيرة لغوية، فإذا تحدث، تحدث بطلاقة ووقار، وجعل فكرته نقشاً ثابتاً في نفوس سامعيه. وكان لين القلب، مرهف الحس، سهل المراس، دمث الخلق، إلى جانب كونه متحفظاً شديد التحفظ في قوله وعمله في كثيرٍ من الأحيان. ومن خصائصه أنه لم يكن يتغافل عن إصلاح العامة من الناس، وتهذيب نفوسهم، ودعوتهم إلى الدين الصحيح، فإذا دعاه أحدٌ لحضور حفلة دعوية أو تربوية، أو برنامج ديني، أو المشاركة في أي عملٍ يصب في صالح الأمة، أجاب طلبه، وكان من الأساتذة الذين لا يشتكيهم أحد من الطلاب، بل يحبونه حب الولد لأبيه. وعانى من شتى الأدواء منذ أيام الطلب، ولكنه احتملها واحتسب بها احتساب العبد المؤمن الصابر الشاكر، فإذا لقيه أحدٌ في تلك الحالة، فإذا هو طلقُ المحيا مبتسمٌ بشوشٌ. وكان كثيرَ الترحال، وحسَنَ العلاقةِ بأحبائه، وتلامذته، والمنتسبين إليه، ويتصل بهم هاتفيًا، ويتفقد أحوالهم، وكان يتقن عدة لغات; العربية، والأردية، والهندية، والفارسية، وقد أعطاه الله ملكة خاصة لتدريس اللغة والأدب، فإذا قرأ طالبٌ العبارة، وأخطأ في الإعراب، صححه فورًا، وأخبر بالقاعدة التي تنطبق عليه، وبلغت به هذه العادة إلى أنه إذا ترأس حفلةً من حفلات النادي العربي، سجل خطايا الطلاب في الإعراب والنطق، وذكرها مفصلا في كلمته الرئاسية، وقدم توجيهات ضرورية بذلك الشأن.
ومن حسن حظي أنني قرأت عليه الشمائل للإمام الترمذي، والشعر العربي، والإنشاء والتعبير، واستفدتُ منه في اللغة العربية بشكل خاص، حيث كنت أحصل على مجلة “المجمتع” من الأستاذ الدكتور وثيق أحمد الندوي حفظه الله ورعاه، فإذا درسها، ردَّها إليَّ، وذاكرني بعضَ الجمل والتعبيرات المستخدمة في المجلة، أتيتُ بكلمة “المذاكرة”، مع أنه أستاذ، وأنا تلميذ له، أستفيد منه وأتعلم، ولكنه بشدة تواضعه، يعامل أصاغره كأنهم أكابره، ويخبرهم بالعلم والأدب كأنه يذاكرهم.
ولد الأستاذ الدكتور نذير أحمد الندوي في “رنغ فور” من “مديرية “إتاوه” بأترابراديش الهند سنة 1966م، وبعد أن أحرز العلوم المدرسية الحديثة التحق بدار العلوم لندوة العلماء، ونال شهادة العالمية فيها سنة 1986م وتخصص في علوم الحديث 1988م في نفس الدار. ونال شهادة الدكتور من جامعة لكناؤ. وبعد أن قرأ فاتحة الفراغ، وُظِّف مترجماً في صحيفة “الرائد” الصادرة عن ندوة العلماء، ثم أصبح أستاذا فيها بكلية اللغة العربية.
في يوم وفاته درَّس بعض حصصه ثم ذهب إلى غرفته ليستريح قليلاً، إذ شعر بألم شديد في صدره، وصعوبةٍ في التنفس، فاتصل بأحد تلامذته يدعوه إلى غرفته وصوتُه بطيء، فجاء التلميذ بعد قليل، ورأى أن نصف جسده مرتمٍ على الأرض، ورأسُه على سريره، فألقاه على بطنه، وجعل يُكبِّس ظهره إراحةً إياه، ثم ذهب ألمُه، وشعر بالارتياح، وبعد قليل سقط على الأرض، واختنق صوته، وأراد أن يقول شيئاً، ولكنه لم يستطع ذلك، وافتُلتَتْ نفسُه، وهو يقرأ شيئا من ذكر الله على أصابعه بحسب عادته منذ أعوام. رحمه الله، وغفر له وأسكنه دار النعيم، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

