“عدالة الجرافات”: تهديد لسيادة القانون في الهند
23 سبتمبر, 2024“مسجد فيكرولي” في مومباي يفتح أبوابه لغير المسلمين ويقدم جولات إرشادية
4 نوفمبر, 2024ولاية هيماشال براديش: مسجد سانجاولي ومخطط الحزب الحاكم
د. فهيم أحمد
وفقًا للكاتب والمحلل السياسي “نيرمانيو تشوهان” في مقاله على موقع “scroll.in” بتاريخ 14 سبتمبر 2024م، تصاعدت في الأسابيع الأخيرة دعوات من جماعات هندوتفا في ولاية هيماشال براديش تطالب بهدم أجزاء من “مسجد سانجاولي” في منطقة شيملا، بزعم أن تلك الأجزاء بنيت بطريقة غير قانونية، وفي 11 سبتمبر، تحولت مظاهرة ضد المسجد إلى أعمال عنف، مما دفع الشرطة للتدخل باستخدام خراطيم المياه والعصي لتفريق المتظاهرين.
ورغم أن القضية تبدو في ظاهرها قانونية، وتتعلق بمخالفات البناء، إلا أنها تتجاوز ذلك لتأخذ طابعًا سياسيًا وطائفيًا أوسع، إذ يستخدم حزب بهاراتيا جاناتا والجماعات المتحالفة معه هذه القضايا الحضرية لإثارة التوترات الطائفية. ومن خلال عرض المسجد كرمز لاعتداء مزعوم على الأراضي، تسعى حركة هندوتفا إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي في شيملا، وتحويل قضايا التخطيط الحضري إلى ميدان للصراع حول الهوية والسلطة.
على مدار السنين، عانت مدينة شيملا من انتشار البناء غير القانوني وسوء التخطيط الحضري. ففي عام 1977م، تم سن أول قانون لتخطيط المدن في الولاية، وكان الهدف منه تنظيم خطة تطوير شيملا حتى عام 2001م. ومع ذلك، استمرت هذه الخطة لأكثر من 44 عامًا مع بعض التعديلات، مما أدى إلى انتشار البناء العشوائي دون الالتزام بالمعايير المحددة. الحكومة السابقة بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا لم تتخذ أي إجراءات تذكر بشأن قرارات المحكمة الوطنية الخضراء الصادرة في عام 2017م، والتي منعت البناء الجديد وحددت ارتفاعات المباني في منطقة شيملا. ونتيجة لذلك، ازدادت معدلات البناء غير القانوني في الولاية.
يعود الجدل حول مسجد سانجاولي إلى هذا السياق الأوسع من البناء العشوائي وغير المنظم. وبحسب ما ذكره الإمام لصحيفة “ذا برنت”، فإن المسجد يعود تاريخ بنائه إلى عام 1947م، مع إضافات أخرى بعد عام 2007م. ما يميز هذه القضية هو الاستنكار الانتقائي الذي أثارته جماعات هندوتفا، والتي ضخمته وجعلته موضوعًا سياسيًا وطائفيًا. تصاعدت الأحداث بعد شجار وقع في 30 أغسطس بين بعض الأفراد المرتبطين بالمسجد وعدد من التجار المحليين، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات طائفية. وفي 1 سبتمبر، ردد المتظاهرون شعارات تدعو إلى حماية الهندوسية مما وصفوه باعتداء المسلمين على الأراضي.
وفي 12 سبتمبر، قدمت لجنة تعمل للرفاهية الإسلامية عرضًا لهدم الأجزاء غير القانونية من المسجد، كما أمرت المحكمة، وذلك بهدف الحفاظ على السلام المجتمعي ومنع تفاقم الأزمة.
كما أن هذا النوع من التوترات لم يقتصر على مسجد سانجاولي فقط، بل ظهرت حالات مشابهة في مناطق أخرى من هيماشال براديش. ففي منطقة ماندى، اشتعلت احتجاجات مشابهة في وقت سابق هذا الشهر بسبب مزاعم حول البناء غير القانوني في أحد المساجد، ما دفع الشرطة لاستخدام خراطيم المياه لتفريق المحتجين. وتم توجيه الاتهامات بأن المسجد قد تجاوز حدوده القانونية، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات مشابهة لتلك التي شهدتها شيملا.
وفي تطور لاحق، شهدت منطقة كولو (Kullu) احتجاجات أخرى بعد انتشار مزاعم مشابهة حول البناء غير القانوني في “الجامع الكبير” في المنطقة. ووفقًا للتقارير، ارتفع الغضب الشعبي، مما أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق مشابهة لتلك التي وقعت في شيملا وماندي، حيث ردّد المتظاهرون شعارات تطالب بالحفاظ على “أراضي الآلهة” من الاعتداءات المزعومة.
هذه الأحداث، سواء في شيملا، ماندى، أو كولو، تعكس استراتيجية جماعات هندوتفا في تحويل القضايا المحلية إلى أدوات للاستقطاب الطائفي، وهي استراتيجية تمَّ تنفيذها بنجاح في أجزاء أخرى من البلاد.