رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأطفال

مظاهر الرحمة والبر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
12 نوفمبر, 2020
ولد الهدى فالكائنات ضياء
12 نوفمبر, 2020

رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأطفال

رحمته صلى الله عليه وسلم بالبنات:

كان الناس في الجاهلية لا يجدون حرجاً من وأد البنت في التراب وهي على قيد الحياة وقد شنع القرآن بهذه الجريمة الجاهلية فقال “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ” [التكوير:8-9] وقد أخرج الدارمي في سننه باب ما كان عليه الناس قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من ا لجهل والضلالة، عن سيرة بن معبد من بني الحارث بن أبي الحرام من لخم عن الوضين “أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا كنا أهل جاهلية وعبادة أوثان فكنا نقتل الأولاد وكانت عندي ابنة لي فلما أجابت وكانت مسرورة بدعائي إذا دعوتها فدعوتها يوماً فاتبعتني فمررت حتى أتيت بئراً من أهلي غير بعيد فأخذت بيدها فرديت بها في البئر وكان آخر عهدي بها أن تقول يا أبتاه يا أبتاه فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وكف دمع عينيه فقال له رجل من جلساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أحزنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له كف فإنه يسأل عما أهمه ثم قال له أعد علي حديثك فأعاده فبكى حتى وكشف الدمع من عينيه على لحيته ثم قال له إن الله قد وضع عن الجاهلية ما عملوا فاستأنف عملك”(1).

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة بالبنات في أمره بالإحسان إليهن، وتعامله الرحيم معهن كما تدل عدد من الأحاديث الصحيحة:

  1. أخرج البخاري في صحيحه عن “عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته فقالت جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني فلم تجد عندي غير ثمرة واحدة فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار”(2).
  2. وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال: “خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى فإذا ركع وضع وإذا رفع رفعها”(3).

تقبيله صلى الله عليه وسلم للأطفال:

  1. أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال “قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من لا يرحم لا يرحم”(4).
  2. وأخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت “جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال تقبلون الصبيان فما نقبلهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة”(5).

بكاؤه صلى الله عليه وسلم على فراق الطفل:

  1. أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له أبو سيف فانطلق يأتيه واتبعته فانتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره قد امتلأ البيت دخاناً فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا أبا سيف أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول فقال أنس لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون”(6).
  2. وأخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال “ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان إبراهيم مسترضعاً له في عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن وكان ظئره(7) قينا فيأخذه فيقبله ثم يرجع قال عمرو فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن إبراهيم ابني وإنه مات في الثدي وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة”(8).

ضمه صلى الله عليه وسلم للأطفال ووضعهم في حضنه الشريف:

أخرج البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ثم يقول اللهم ارحمهما فإني أرحمهما”(9) وأخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها “أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع صبياً في حجره يحنكه فبال عليه فدعا بماء فأتبعه”(10).

تخفيفه صلى الله عليه وسلم الصلاة رحمة بالطفل:

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم “قال إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه”(11).

تطويله صلى الله عليه وسلم السجود في الصلاة رحمة بطفل علا ظهره الشريف:

أخرج النسائي في سننه عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال “خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته”(12).

الهوامش:

(1) سنن الدارمي ج1 / ص: 14.

(2) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5536.

(3) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5537.

(4) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5538.

(5) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5539.

(6) صحيح مسلم كتاب الفضائل باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال رقم الحديث 4279.

(7) قوله: (يعني ظئره) هي بكسر الظاء المعجمة بعدها همزة ساكنة وهي المرضعة ويقال أيضاً لزوج المرضعة ظئر، انظر شرح النووي على مسلم (ج1 / ص: 293).

(8) صحيح مسلم كتاب الفضائل باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال رقم الحديث 4280.

(9) صحيح البخاري كتاب الأدب باب وضع الصبي على الفخذ رقم الحديث 5544.

(10) صحيح البخاري كتاب الأدب باب وضع الصبي في الحجر رقم الحديث 5543.

(11) صحيح البخاري باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي رقم الحديث 666.

(12) سنن النسائي كتاب التطبيق باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة رقم الحديث 1129.

 

الدكتور محمد بسام الزين

×