الهند بين صناديق الاقتراح وتحديات الأمن والحرية

الدكتور نذير أحمد الندوي: الإنسان الطيب والعالِم الأديب
22 نوفمبر, 2025
اجتماع استشاري للمدارس الملحقة بندوة العلماء ليومين
11 ديسمبر, 2025
الدكتور نذير أحمد الندوي: الإنسان الطيب والعالِم الأديب
22 نوفمبر, 2025
اجتماع استشاري للمدارس الملحقة بندوة العلماء ليومين
11 ديسمبر, 2025

الهند بين صناديق الاقتراح وتحديات الأمن والحرية

الدكتور محمد سعود الأعظمي الندوي
كيف حسمت الإعانات الانتخابية أكبر انقلاب سياسي في ولاية بيهار:
أفادت صحيفة “ذا وائر” الإلكترونية في تقرير دوّنه أرون كومار يوم 15 نوفمبر 2025م أن نتائج انتخابات المجلس التشريعي في بيهار جاءت “صادمة وغير متوقعة”، بعدما حصد التحالف الوطني الديمقراطي (NDA 202) مقاعد من أصل 243، متخطِّيًا كل تقديرات المحللين الذين توقعوا منافسة متقاربة بين التحالفين.
وأوضح التقرير أن الأسباب التقليدية التي يقدّمها البعض — مثل استحضار “عصر الغابة” ضد المعارضة أو التعاطف مع نيتيش كومار — لا تكفي لتفسير هذا التحول الجذري، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الولاية لم تشهد تحسنًا يبرر موجة دعم كهذه،فما تزال ولاية بيهار من أفقر الولايات، وتعاني من البطالة المتفاقمة، والهجرة الواسعة، وفساد الطرق وضعف البنى التحتية، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية.
ويرى “أرون كومار” أن العامل الحاسم في هذا الفوز الساحق كان المنح الانتخابية الضخمة التي قدمها التحالف الحاكم قبل الاقتراع بقليل، وتشمل: الكهرباء المجانية، وزيادة المعاشات، وتحويل مبالغ مباشرة للنساء، إضافة إلى وعود بتوفير مليون وظيفة. كما أشار إلى أن التنظيم القوي لحزب بهاراتيا جاناتا ونفوذه المالي والدعائي، لعب دورًا مهمًا في تشكيل اتجاه التصويت.
ويخلص التقرير إلى أن الناخب الفقير يبحث عن المكاسب الفورية في ظل انعدام الثقة بالوعود الطويلة المدى، وبالتالي فإن سياسة “الإعانات قبل الانتخابات” كانت العامل الأكثر تأثيرًا في صناعة النتيجة القياسية التي حققها التحالف الحاكم.
قراءة في الأسباب غير الطبيعية لنتائج انتخابات بيهار:
أفادت صحيفة ذا هندو الإلكترونية في تقرير نُشر بتاريخ 16 نوفمبر 2025 من مدينة بتنا بأن ديبانكر بهاتاشاريا، الأمين العام لحزب CPI(ML) Liberation، اعتبر نتائج انتخابات بيهار “غير طبيعية” ونتاجًا لثلاث “تجارب سياسية خطيرة” نفذتها الحكومة قبيل الانتخابات.
وأوضح التقرير أن الحزب حصل على مقعدين فقط من أصل عشرين دائرة خاضها، بعدما كان يمتلك 12 مقعدًا في انتخابات 2020م، ما اعتُبر مؤشرًا على أن العملية الانتخابية جرت في ظروف غير متوازنة.
وبحسب بهاتاشاريا، فإن التجربة الأولى كانت تحويل مبلغ 10 آلاف روبية للنساء ضمن برنامج “ماهيلا روجغار يوجانا”، وقد تأخر إعلان موعد الانتخابات حتى تنفيذ هذا الدعم، في خطوة وصفها بأنها “غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الهندية”.
أما التجربة الثانية فهي حذف 6.5 مليون اسم من قوائم الناخبين عبر نظام SIR، ثم إعادة إضافة ما بين 350 إلى 400 ألف اسم، معتبرًا ذلك تلاعبًا كبيرًا أثّر مباشرة على مستوى المشاركة ووجهة التصويت. في حين تمثلت التجربة الثالثة في نقل قطعة أرض كبرى لشركة خاصة بسعر زهيد للغاية، وهو ما اعتبره تمهيدًا “لتسليع موارد بيهار ومنحها للشركات الكبرى”، رغم أن المعارضة أثارت القضية مرارًا دون أن تلقى صدى شعبيًا مؤثرًا.
وأكد بهاتاشاريا أن النتائج جاءت “خارج المنطق” ، معلنًا أن حزبه سيبدأ حملة تواصل وجمع ملاحظات بين 18 و24 نوفمبر لتقييم الموقف السياسي، كما حذّر من أن استمرار هذه “التجارب” سيقوض مبدأ تكافؤ الفرص في الديمقراطية الهندية.
جدل واسع بعد معاقبة مفتش شرطة على تصريح غير طائفي:
أفادت صحف إلكترونية أردية وإنجليزية في تقارير مختلفة تم نشرها بتاريخ 13 نوفمبر 2025م أن قرار إعفاء مفتش شرطة ديوبند في أترابراديش، نريندر شرما، من مهامه بعد انتشار تصريحاته حول تفجير دلهي الأخير، أثار جدلًا واسعًا حول احترام حرية التعبير داخل المؤسسات الرسمية.
وذكر التقرير أن المفتش لم يرتكب مخالفة قانونية، بل عبّر عن موقف مهني موضوعي عندما قال إن الإرهاب لا يرتبط بدين معيّن، بل بأفراد منحرفين من أي مجتمع، مؤكدًا أن ربط الإرهاب بدين واحد فكرة خاطئة.
ورغم أن التصريح كان منسجمًا مع مبادئ الدستور ومع حقائق تقرّ بها الأجهزة الأمنية نفسها، سارعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات إدارية مشددة، تمثلت في سحب جميع مهامه ونقله إلى خطوط الشرطة.
ويرى محللون أن معاقبة موظف حكومي بسبب موقف معتدل وغير طائفي لا يتوافق مع روح الحكم الجمهوري، ويبعث رسالة مقلقة حول ضيق هامش حرية الرأي داخل المؤسسات. كما حذرت أصوات حقوقية من أن مثل هذه القرارات تضر بثقافة المهنة والحياد، وتشجع على خطاب الاستقطاب بدل تهدئته.
ويخلص التقرير إلى أن القضية فتحت نقاشًا عامًا حول ضرورة تعزيز ثقافة حرية التعبير المسؤولة داخل أجهزة الدولة، خاصة في القضايا الحساسة المرتبطة بالأمن القومي.
تفجير القلعة الحمراء: اعتقال مشتبه به وإعادة فتح ملف الثغرات الأمنية في دلهي:
أفادت وسائل إعلام دولية، بينها بي بي سي، يوم 16 نوفمبر 2025 بأن السلطات الهندية اعتقلت رجلًا يُعتقد أنه شارك في التفجير الذي وقع قرب القلعة الحمراء الأسبوع الماضي، وأسفر عن ثمانية قتلى وأكثر من عشرين جريحًا.
وذكر التقرير أن الوكالة الوطنية للتحقيقات (NIA) أكدت أن السيارة المستخدمة كانت مسجّلة باسم المشتبه به، متهمةً إياه بالتخطيط المشترك مع المنفّذ الانتحاري، كما صادرت مركبة أخرى يُعتقد أنها تعود للمنفّذ لفحصها.
وأشار التقرير إلى أن الانفجار الذي وقع قرب محطة المترو المحاذية للقلعة الحمراء يُعد أول تفجير كبير في العاصمة منذ 2011م.
وأكد وزير الداخلية أميت شاه خلال ساعات من الحادث أن الانفجار نُفّذ بسيارة هيونداي i20، متوعدًا بملاحقة “المنفّذين والداعمين”. فيما وصف رئيس الوزراء مودي الهجوم بأنه “مؤامرة”، بينما اعتبره راهول غاندي خبرًا “مؤلمًا للغاية”.
وطبقًا للتقرير ذكر نشطاء أنّ ما يجري يعكس نمطًا تكرّر بعد حوادث أمنية سابقة، حيث يتحول المسلمون—وبخاصة المتعلمين والمثقفين منهم—إلى هدفٍ سهل للشكوك. وقد رُصد استدعاء أطباء من جامعات حكومية، وباحثين شبّان، وأساتذة في اختصاصات تقنية، دون وجود معطيات واقعية تبرّر ذلك.
ويرى محللون أنّ الاستهداف المتكرر للنخب المسلمة يعزز بيئة من الخوف ويزرع شعورًا عامًا بأن الهوية الدينية أصبحت عنصرًا كافيًا لوضع الأفراد تحت طائلة الشبهات، وهو ما يتنافى مع روح الدستور الهندي ومبادئ العدالة.