أهمية الانسجام بين القول والعمل
4 نوفمبر, 2024خطر المنافق العليم اللسان على الأمة
10 ديسمبر, 2024على المسلم أن يتحلى بمكارم الأخلاق ويتخلى من الرذائل
عبد الرشيد الندوي
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، وإياكم والشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة، فقطعوا، وأمرهم بالبخل، فبخلوا، وأمرهم بالفجور، ففجروا”، قال: فقام رجل، فقال: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: “أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك”، فقام ذاك أو آخر، فقال: يا رسول الله، أي الهجرة أفضل؟ قال: “أن تهجر ما كره ربك، والهجرة هجرتان: هجرة الحاضر والبادي، فهجرة البادي أن يجيب إذا دعي، ويطيع إذا أمر، والحاضر أعظمهما بلية، وأفضلهما أجرا”.
تخريج الحديث: أخرجه بطوله أحمد (6487) وابن حبان (5176) والطيالسي (2272)، والحاكم (26) (من ترقيم طبعة دار الرسالة) والبيهقي في “السنن” 10/ 243، وفي “الشعب” (10834)
شرح الحديث: إن الحديث النبوي يتضمن مجموعة من التوجيهات الأخلاقية الهامة التي تهدف إلى تهذيب النفس وإصلاح المجتمع. يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بتحذير المسلمين من الظلم بقوله: “الظلم ظلمات يوم القيامة”، مشيرًا إلى أن عقوبة الظالم يوم القيامة ستكون شديدة خطيرة أليمة. والظلم هو الاعتداء على حقوق الآخرين، والله تعالى حرمه على نفسه وجعله محرمًا بين عباده، مما يبرز أهمية العدل في الإسلام في جميع جوانب الحياة.
ثم يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفحش بقوله: “وإياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش”. الفحش هو ما ينافي الأدب والأخلاق سواء في القول أو الفعل، أما التفحش فهو تعمده وتعوده، الإسلام يدعو إلى نقاء اللسان وطهارة القلب، ويرغب أن يكون المسلم حسن الخلق وكريم القول.
وينتقل النبي صلى الله عليه وسلم للتحذير من الشح: “وإياكم والشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم”. الشح هو أشد أنواع البخل المقرون بالحرص، وقد كان سبب هلاك الأمم السابقة حيث قادهم إلى القطيعة والبخل والفجور.
ثم يسأل أحد الصحابة عن أفضل الإسلام، فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم: “أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك”، موضحًا أن كمال الإسلام يتحقق بأن يكون المسلم مصدرًا للأمان فلا يؤذي غيره بلسانه أو يده. الإسلام ليس مجرد عبادات، بل منهج حياة يتطلب أن يكون المسلم قدوة في سلوكه.
وأخيرًا، عندما سُئل عن أفضل الهجرة، أجاب النبي: “أن تهجر ما كره ربك”، مشيرًا إلى أن الهجرة تشمل الابتعاد عن الذنوب وليس فقط الانتقال من مكان إلى آخر. يتجلى جوهر الحديث في الدعوة إلى مكارم الأخلاق، والابتعاد عن كل ما يفسد العلاقات الإنسانية، لتحقيق رضا الله والفوز بالجنة.