الأديب الشاعر الدكتور أحمد البراء الأميري في ذمة الله تعالى
31 أكتوبر, 2023ورحل عالم لغوي كبير د. ف. عبد الرحيم (1933–19/ أكتوبر 2023م) (2/الأخيرة)
17 يناير, 2024ورحل عالم لغوي كبير د. ف. عبد الرحيم (1)
كتبه/ د. أبو سحبان روح القدس الندوي(*)
[قرئ هذا المقال في حفلة تأبين بوفاة علمين بارزين من أعلام العصر الراهن:
أحدهما: الدكتور ف. عبد الرحيم، والآخر: فضيلة الشيخ محمد شاهد السهارنفوري رحمهما الله وغفر لهما.
عقدها قسم الاختصاص في علوم الشريعة واللغة بقاعة مكتبته وذلك في 15/4/1445هـ الموافق 3/10/2023م.
برئاسة رئيس ندوة العلماء الموقر فضيلة الشيخ بلال عبد الحي الحسني وحضرها عمداء الكليات ورؤساء الأقسام وأمين المكتبة المركزية لندوة العلماء، وجميع طلاب الاختصاصات، وغيرهم، واستغرقت الحفلة ساعتين كاملتين.
تناول د. أبو سحبان روح القدس (محاضر في التخصص في علوم الحديث بالجامعة) آثار د. ف. عبد الرحيم في المعاجم العربية وسرته الأكادمية بالتفصيل.
وعرَّف فضيلة الشيخ عتيق أحمد البستوي بالشيخ محمد شاهد السهارنفوري معتنيًا بعدة جوانب من حياة الشيخ السهارنفوري.
وألقى رئيس هذه الحفلة كلمته مثنيًا على عمل العلمين الراحلين منوِّهًا بخدمتهما في مجال العلم والثقافة، وداعيًا لهما بالمغفرة وإمطار شآبيب رحمة الله عليهما]
هو أحد العلماء الأعلام ومن فحول الباحثين المعاصرين المبرِّزين في خدمة اللغة العربية تدريسًا وتأليفًا وتحقيقًا واستدراكًا، يشهد ذلك كلّه آثارُه العلمية وإنتاجاته المعجمية المطبوعة المتداولة المقبولة لدى طلبة العلم في أرجاء المعمورة، منها:
* القول الأصيل فيما في العربية من الدخيل:
ألقى عليه المؤلف ضوءًا معرِّفًا به قائلاً (ص):
“لما فرغتُ من تحقيق الكلمات الدخيلة الواردة في كتاب “المعرَّب” للجواليقي أردتُ أن أقوم بدراسة مافات الجواليقيَّ من هذه الكلمات، غير أنني وجدتُ أنها كثيرة ويحتاج جمعها ودراستها إلى وقت قد يطول، فرأيتُ أن أقوم بدراسة بعضها الآن على أن أعود إليها في فرصة أخرى.
فاخترتُ منها نحو خمسمائة كلمة وحققتها في هذا الكتاب إلى أن قال: “بعض هذه الكلمات وردت في مقدمتي التي جعلتها في “المعرَّب” غير أنها وردت هناك عرضًا، ولم أتعرض لها بالتحقيق، وجاءت هنا في هذا الكتاب مشروحة محققة”.
* أما “المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم”: تأليف الجواليقي أبي منصور موهوب بن أحمد الخضير (465–540هـ)، فحقق د. ف. عبد الرحيم كلماته بإرجاعها إلى أصولها وذكر معانيها الأصلية وتتبع التغيّرات التي طرأت عليها، كما تبيّن ذلك بما هو مكتوب على غلاف الكتاب.
وقد أفاد المؤلف في تصديره لكتاب الجواليقي (ص 6) قائلاً:
“لقد طبع “المعرّب” مرتين: طبع المرة الأولى في مدينة ليبزج سنة 1867م بتحقيق أد ورد زخاو (Ed. Sachau) ذيّل المحقق الكتاب بتعليقات بالألمانية، ذكر فيها أصل عدد من الكلمات.
وطبع المرة الثانية بمصر سنة 1942م بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، قام رحمه الله بتحقيق نص الكتاب من عدة مخطوطات ولم يترك للمستزيد مزيدًا في هذا المجال.
أما تحقيق الكلمات الدخيلة بمعنى إرجاعها إلى أصلها فلم يتعرض له إلا قليلاً واكتفى في كثير من المواضع بنقل ما ورد في المعاجم كاللسان والقاموس”.
وأعدَّ الدكتور ف. عبد الرحيم في مقدمته الضافية بحثاً قيمًا في ثلاثة أبواب، عالج فيها المواضيع الآتية:
- المعرّب وضوابط لمعرفته.
- اللغات التي أخذت منها العرب.
- تغيير المعرَّب.
وقد شملت هذه المباحث المهمة 88 صفحة.
أما الطبعة الأولى للمعرّب باعتناء د. ف. عبد الرحيم فأصدرتها دار القلم بدمشق سنة 1410هـ – 1990م.
* معجم الدخيل في اللغة العربية الحديثة ولهجاتها: ط: دار القلم، سنة 2011م.
* معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم (ط).
* الإعلام بأصول الأعلام الواردة في قصص الأنبياء عليهم السلام (ط).
* سواء السبيل في العربية من الدخيل (ط) دار المآثر بالمدنية سنة 1419هـ.
* دروس اللغة العربية لغير الناطقين بها (1–3) من منشورات الجامعة الإسلامية بالمدينة، حظيت بالقبول وترجمت إلى اللغات وانتشرت الآفاق.
* نصوص من الحديث النبوي الشريف (توظيف الحديث النبوي الشريف لتعليم اللغة العربية) ط: في مدراس بالهند.
* المسعف في لغة وإعراب سورة يوسف (ط).
* الباحث عن الحقيقة: قصة سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه.
* إنهما من مشكاة واحدة: قصة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة.
* في بلاط هرقل: حديث أبي سفيان في مجلس هرقل.
* أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك؛ حديث كعب بن مالك.
هذه الكتب الستة عبارة عن مشروع علمي لتعليم اللغة العربية من خلال النصوص الحديثية، وهي مفيدة جدًا لتدريب الطلاب على مسائل النحو والصرف والإعراب وما إليه.
اقرأ مقدمة كتابه “أبشر بخير يوم….” بقضّها وقضيضها يتبيّن لك منهج المؤلف ومرماه في تأليف هذه الكتب، حيث قال:
“أما بعد: فنقدم للقارئ الكريم في هذه الرسالة المسمّاة: “أبشر بخير يوم” الحديث الذي يقص فيه كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه قصة تخلُّفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وما ترتّب على ذلك”.
وأضاف قائلاً:
“حاولنا في هذه الرسالة أن نوظّف الحديث لتعليم قواعد اللغة، ومفرداتها، وأساليبها كما فعلنا في كتبنا السابقة: نصوص من الحديث النبوي الشريف، والباحث عن الحق، وإنهما من مشكاة واحدة، وفي بلاط هرقل لإيماننا أن خير وسيلة لتعلم اللغة هي أن يقرأ المرءُ نصوصًا حيّة لتلك اللغة قراءة مرشدة يرشده من خلالها خبير لغوي إلى ما في هذه النصوص من قواعد وأسرار ودقائق لغوية قد لا ينتبه لها القارئ، ثم يقدم له تمارين مقنَّنة ترسخ القواعد في ذهنه، يشبه الخبير اللغوي في مهمّته هذه المرشد السياحيّ الذي يستنطق “النؤي والأحجار”(1) في الأطلال، فيحوّلها إلى ديار تنبض بالحياة”.
واستمر قائلاً:
“لقد ذيَّلنا الحديث بثلاثة أشياء: شرح للمفردات، وإيضاحات نحوية وصرفية، وتمارين. في شرح المفردات لم نكتف بذكر معنى الكلمة فحسب؛ إذ للكلمة جوانب أخرى لابدّ من معرفتها لمن أراد أن يوظّفها في كلامه، كباب الفعل الثلاثي المجرّد، والحرف الذي يتعدّى به – إذا كان مما يتعدى بحرف –، وعدد مفاعليه، ومصدره، وكتذكير الاسم وتأنيثه، وجمعه، وكونه اسم جنس جميعًا، أو اسم جنس إفراديًا وما إلى ذلك”.
وأنهى مقدمته قائلاً:
.وفي مجال شرح المسائل النحوية والصرفية أكثرنا من الأمثلة، فبالتمثيل تتضح القاعدة، وراعينا أن تكون الأمثلة متصلة بحياة الدارس، ومتجددة”.
“أما التمارين فمتنوعة، يتعلق بعضها بفهم النصّ، وبعضها بفهم اللغة”.
الهوامش:
(*) قسم التخصص في علوم الحديث بدار العلوم لندوة العلماء، لكناؤ (الهند).
(1) إشارة إلى قول النابغة الذبياني:
عوجوا فحيُّوا لنعم دمنة الدار
ماذا تحيون من نؤي وأحجار
والنُّؤْيُ: الحفيرُ حول الخباء أو الخيمة يمنع السيل (القاموس المحيط).