الإنسان بين الفساد والصلاح!
20 أكتوبر, 2019حب الله تعالى باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم
18 ديسمبر, 2019الخط الفارق بين إنسان وإنسان!
رغم أن العالم البشري أتيح له أن يعيش منذ وجوده في الكون ألواناً كثيرة من الحياة،ويجرب طرائق كثيرة وأساليب عديدة من العيش في الدنيا، وقد أرسل الله سبحانه لتحقيق هذا الغرض السامي الكريم رسلاً وأنبياء،جاء ذكرهم في كتاب الله عز وجل، وإن كان عدد كبير من هؤلاء المصطفين من عباده لم يذكر أسماءهم ولا علم الناس تفاصيل عنهم،وظلوا في عالم الغيب والخفاء، بأعمالهم وسيرتهم إلا أن دعوتهم لم تكن خافية على الناس لأنها كانت تتصل بعبادة الله وتقديس اسمه ونشر رسالته بين الأمم والشعوب التي كانت تختص بكل نبي ورسول مرسل، وفي بني إسرائيل وحدهم بعث اثني عشر نقيباً، يأمرونهم بما أمر الله به وينهونه عما نهى الله عنه، ومن هم هؤلاء إلا الرسل المرسلون لإصلاح هذه الطائفة الواسعة(بني إسرائيل).
وقضى الله سبحانه في نهاية المطاف أن يزكي الجزيرة العربية ويطهرها مما تمركز فيها الشيطان اللعين وملأها بالشرك والكفر وأنواع من المعاصي وجعلها مركزاً للعداوات والحروب بين القبائل والأسر الإنسانية، وكان الناس فيها عاكفين على ممارسة البهيمية بألوانها حتى تحول الإنسان إلى أضل من الأنعام، فلم يكن إلا أن يأذن الله بفناء هذا الكون،أو بقائه بالشرف الإنساني العظيم والقيم الإنسانية السامية الجليلة التي تزين الإنسان وتمكنه على أرفع درجة من الشرف والفضيلة، ثم قيادة العالم البشري في ضوء التوجيهات السماوية التي أنزلها الله سبحانه على خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وقد أنقذ الله تعالى الإنسان من الدمار الشامل، إذ لم يكن هناك متسع نحو محاربة الطبيعة بعد بعثة الأنبياء والرسل وقيامهم بدعوة الناس إلى الطريق المستقيم، ولكن الله سبحانه أتاح للعالم البشري فرصة أخيرة للاهتداء إلى الفطرة الإنسانية السليمة وقضى بأن يبعث الإنسان من جديد بدين كامل جامع وأعلن مدوياً “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” [المائدة:3].
فكانت نعمة هذا الدين هي الفرصة الأخيرة لبناء الكون وتوسعة آفاقه وأعماله والمسئوليات الإنسانية التي عرفها الإنسان بأوضح معانيها وأوسع مفاهيمها “إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا” [الإنسان:3]، فكان الخط الفارق بين إنسان وإنسان الشكر على نعمة الإيمان أو الكفر الذي تولى قيادته ذلك الوجود المشئوم الذي تكبر ورفض السجود لربه الكريم، وقد نشر جهالته بين بني آدم عليه السلام ونجح في افتراس عدد ضخم منهم وتمثيل جنة مزيفة بتسكير عقولهم وتضليلهم من الحق إلى الباطل الذي حجب الحقيقة الواقعة على عيونهم فحرموا نعمة الإنسانية وتاهوا في شبه صحارى الكفر والضلال دون أن يذوقوا لذة الحياة ونعمة الإيمان.
ومن ثم افترق الطريقان وتعارض الفكر الإنساني الصحيح وتصادم مع التفكير المنحرف الذي قام بنشره إخوان الشياطين في النفوس والمجتمعات والجاليات من البشر ممن انحرفت بهم مكايد المردة من ذراري إبليس وقد كثرت الإشارة إلى النوعين من الناس: “وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” [الزمر:60-61].
ولكن كثيراً من المسلمين ممن لم يحظوا بالتربية الدينية والخلقية يقعون فريسة للطريق المنحرف وقد لا يشعرون أنهم يعيشون ما ليس من شأنهم وفيما لا يشبه شيئاً بحياة الإيمان والاتباع لشريعة الإسلام التي أنزلها الله سبحانه إلى العالم البشري، والصراط المستقيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو يوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم”.
إن استعراضاً قليلاً لحياتنا التي نعيشها يؤكد أننا تناسينا الواقع الذي ينطبق عليه قول رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم، فهل نعود إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو طريقنا المعلوم أم لا نزال نعيش في غفلة عن دعوتنا وفي جهل عن مسئوليتنا؟ هل نعود إلى تعاليم الإسلام بكامل الثقة بما وعدنا به الله سبحانه وتعالى “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” [آل عمران:110] وقد صدقنا الله ورسوله فيما وعدا به من جوائز النصر والثبات “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ” [محمد:7].
(سعيد الأعظمي الندوي)