إن أول ما يفتقر المجتمع الإسلامي إليه في بناء كيانه القوي اليوم هو تثبيت أسس شخصيته الإسلامية وتحديد معالمها، ثم مواجهة حقائق الحياة، وتحديات العهد السائد بصرامة وشهامة، وذلك لا يحصل له أبداً بمجرد التقليد لمجتمع أقوى منه مادة وثروة، ومحاكاته في مسالك الحياة وأساليبها، بل إنما يحصل باستغلال مؤهلاته الشخصية، وطاقاته أولاً، وبمعرفة الأسس الأصيلة لأخلاقه وعاداته، ثم بتجنيد هذه المؤهلات للوصول إلى مركز العزة والقوة بين المجتمعات الأخرى، مع المحافظة على أسس شخصيته البناءة النافعة، وحينذاك ينفعه أن يلجأ في بعض جوانب حياته الفرعية والذرائع المفيدة لها إلى التقليد والاقتباس من مجتمع أقوى منه، أو من مثيله في القوة، فإن التقليد والاقتباس في مثل هذه المرحلة إنما يكونان قوة على قوة، ومدداً لنجاح الجهود التي هو بصددها، لا قبل هذه المرحلة وبدونها.

(العالم الإسلامي اليوم قضايا وحلول للشيخ محمد الرابع الحسني الندوي، ص: 59)