الوظيفة الأصيلة للدين السماوي التوجيه والإرشاد إلى الإيمان بالله تعالى، والذي ينطوي على التصديق القلبي بالله وحده وعبوديته بصدق النية، والتمسك بما جاء به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من التعليمات والإرشادات، وقد سلكت المسيحية بعد اليهودية مسلك عبادة الله وحده، وسلك الإسلام على هذا الطريق بعد المسيحية، وإن الإعراض عن اتباع تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم لمتبعي الأنبياء السابقين بمثابة الإعراض عن إطاعة الله تعالى، فقد كان الأنبياء السابقون قد أخبروا بمجي ء النبي الأخير، فبعث النبي الكريم محمد كخاتم النبيين، ولا يأتي بعده نبي من الأنبياء، فلا يسع فردًا من أفراد أمة من الأمم الفرار من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم بعد مجيئه ولا يعتبر الإيمان صحيحًا بدون ذلك، وقد جعل الله تعالى أمته “خير أمة” وقرر فريضتها هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدل التاريخ على أنه قد مضى على هذه الأمة أكثر من أربعة عشر قرنًا، وقد وصلت رسالة الله تعالى وحده من أقصى العالم إلى أقصاه نتيجة لقيام هذه الأمة بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذين التفتوا إلى سماع هذه الرسالة ومعرفتها في كل مكان من الأمكنة فقد قبلوا هذه الرسالة، وحيث لم يلتفت إليها لم تقبل، ولكن تمت الحجة، أي مكان بقي من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب حيث لا يوجد عدد كبير ممن يعرفون هذه الرسالة ويعملون بمقتضياتها، وتدعو حياتهم ووجودهم أن انظروا إلينا وافهمونا، ماذا نقول وماذا نفعل، وذلك ضروري لكم أيضًا.

(قيمة الأمة الإسلامية منجزاتها وواقعها المعاصر للشيخ محمد الرابع الحسني الندوي، ص: 99–100)