سماحة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي: كيف عرفته

زفرات أنين على وفاة فقيد الملة الإسلامية شيخنا السيد محمد الرابع الحسني الندوي
10 سبتمبر, 2023
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
10 سبتمبر, 2023

سماحة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي: كيف عرفته

د. محسن عتيق خان

(رئيس تحرير مجلة أقلام الهند)

سمعت عن الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي لأول مرة عندما كنت في السنة الثانية الابتدائية في المعهد الثانوي في رحاب ندوه العلماء، وذلك عن طريق اساتذتنا فكان مدير ندوة العلماء الشيخ محب الله الندوي اللاري قد انتقل الى جوار رحمة الله، وإثر وفاته تم تعيين الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي مديرا لجامعتنا أي لدار العلوم التابعة لندوة العلماء بلكناؤ. فكان اسمه على لسان كل استاذ، فبينما كان الحزن العميق غمر الأساتذة لوفاة المدير السابق، جاء تعيين المدير الجديد كبشرى سارة، فكل واحد كان على إلمام بخبرته في التدريس، وتذوقه العلمي، ومهارته في الكتابة، وحسن تدبيره في الإدارة إذ كان عميدا لكلية اللغة العربية وآدابها منذ أكثر من عقدين.

وقد عرفت سماحة الشيخ اولا عن طريق الحفلات في رحاب ندوة العلماء، فكان يخطب الطلاب بمناسبات عديدة، ويشجعهم على الدراسة المتأنية الواسعة، والصلاح، والتقوى، وقد حضرت عديدا من مجالسه وأصغيت إليه وسمعت نصائحه، وارشاداته المفيدة. ثم عرفته وارتويت من منهله عن طريق كتبه التي ألفها تلبية لحاجات المقررات الدراسية ليس لدار العلوم ندوة العلماء فحسب بل للجامعات الهندية العصرية ايضا التي كانت بحاجة ماسة الى المقررات الدراسية الجديدة.

كان كتاب معلم الإنشاء (الجزء الثالث) أول كتاب تعرفت من خلاله واستفدت عن طريقه من خبرة سماحة الشيخ الواسعة.فقد اختار نماذج رائعة من الأدب العربي، وكذلك مواضيع متنوعة، والأسلوب الجذاب لتعليم الكتابة العربية. ربما كنا تعلمنا كتابة المقالات باللغة الأردية بصورة غير نظامية، ولكن هذا الكتاب أو من الأفضل ان نقول ان سماحة الشيخ عن طريق هذا الكتاب اخذ بايدينا وعلمنا الكتابة رويدا رويدا مثلما يعلم الاب أبناءه الصغار المشي شيئا فشيئا. فجال بنا الأستاذ في مجال الكتابة، وعلمنا مبادئها وبصفة خاصة مبادئ كتابة المقالات، وأوضح لنا طريقة الإطناب والإيجاز، وكيف نختار العناوين المختلفة، وكيف نكتب في المواضيع المختلفة. وبعد قراءة هذا الكتاب، وإتمام تمارينها، في السنة الخامسة الثانوية، وجدت في نفسي ثفة زائدة إلى انني بدأت في إصدار مجلة جدارية في السنة القادمة، وقد ساهمت هذه المجلة في بناء شخصيتي كاتب.

والكتاب الثاني الذي عرفت من خلاله سماحة الشيخ الندوي، هو كتابه الشهير “منثورات من أدب العرب”. وهذا الكتاب مجموعة من النظم والنثر، وقد اختار سماحة الشيخ محتواه من كتب الحديث النبوي، مثل صحيح البخاري، وصحيح المسلم، وكذلك من كتب السيرة مثل سيرة ابن هشام، ومن أمهات كتب الادب، على سبيل المثال الأمالي لأبي على القالي، والأغاني لأبي الفروج الأصبهاني، ووفيات الأعيان لابن خلقان، والحماسة لابي تمام، وهلم جرا. ومن خلال هذا الكتاب تعرفنا على الأساليب المختلفة من الأدب العربي، وكنت من قبل لم أقرأ إلا القراءة الراشدة (3 أجزاء)، او قصص النبيين (4 أجزاء) للعلامة ابي الحسن علي الندوي. وعن طريق كتاب منثورات، فتح لنا سماحة الشيخ نافذة مطلة على عالم الأدب العربي، وبنماذجه العالية للادب العربي تسنى لنا فهم الأساليب المختلفة بما فيه القديم والجديد معا.

وكتاب “الأدب العربي بين عرض ونقد” لسماحة الشيخ مقرر في السنة النهائية للعالمية، وهذا الكتاب يوضح لنا مبادئ الأدب ومفاهيمه، ويعرض لنا الأسالييب المتنوعة ويلقي الضوء على الأدوار المختلفة. ومن خلال هذا الكتاب فهمنا ماهية الأدب وحقيقته، وأغراضه وأهدافه، وتعلمنا كيف نقوم بتحليل العمل الأدبي ونقده، وما هو عناصر الأسلوب الأدبي، وما هو الفرق بين أدب المعنى وأدب الألفاظ، وكذلك اشياء كثيرة أخرى فيما يتعلق بالأدب في أوسع معناه.

وهكذا أنا مدين له، وليس أنا فقط بل كل من تعلم العربية في الهند، سواء تخرج في دار العلوم لندوة العلماء او في مدارس أخرى او في الجامعات الهندية العصرية ممتن له، فلا غنى عن كتبه التي ادخلت في المقررات الدراسية، فرحمه الله رحمة واسعة واسكنه في فسيح جناته.

×