إنسان عظيم فقدناه

هكذا أحببناه
10 سبتمبر, 2023
وفاة العالم الرباني ومرشدنا الروحي سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي
10 سبتمبر, 2023

إنسان عظيم فقدناه

الدكتور محمد وسيم الصديقي الندوي

توفي الشيخ العلامة السيد محمد الرابع الحسني الندوي يوم الخميس 21/ رمضان عام 1444 الهجري الموافق 13/ أبريل 2023 الميلادي في شهر رمضان المبارك ودفن يوم الجمعة وسط جمع حاشد، واشترك في جنازته عدد لم ير مثله في السنوات الحالية. كانت وفاة الشيخ العلامة في الشهر المبارك، شهر المواساة والمساواة، شهر الخير والبركة، شهر الطاعات والعبادات، شهر تصفد فيه الشياطين وتطلق ملائكة الخير – غفر الله له جميع سيئاته وأدخله الجنة بدون حساب وأسكنه فسيح جنانه وحشره في زمرة الصالحين وأدخله في أعلى عليين – فالجمع الحاشد التاريخي الذي حضر جنازته خير دليل على أن الله تبارك وتعالى كان وضع حبه وقبوله في الناس فهو مقبول من الله ومحبوب لدى الناس.

كان الشيخ العلامة من الأبرار الصالحين الأتقياء، يعلو على جبينه نور العلم والعمل، وتغشاه السكينة والوقار، وهو من الشخصيات البارزه التي قلما تنجبها القرون، وهو من الأدباء والعلماء المبرزين في هذا الزمان وهو العروة الوثقى من سلسلة الذهب للعلماء، تولى زمام الرئاسة لندوة العلماء بعد سماحة الشيخ العلامه أبي الحسن علي الحسني الندوي وأدى هذه المسؤولية خير أداء وبكل اهتمام بالغ وعناية تامة كما تولى مسؤوليات أخرى من تدريس وعمادة وإدارة لدار العلوم لندوةالعلماء ثم رئاسة ندوة العلماء ورئاسة هيئة الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند، وقام بخدمات جليلة مشكورة نحو الأدب واللغة والكتابة والخطابة.

وقد رأيت أن الشيخ العلامة قام بمسؤوليات عديدة مختلفة منذ شبابه فكان أستاذًا وعميدًا ومديرًا في وقت واحد حتى في زمن رئاسة الشيخ أبي الحسن علي الحسن الندوي لندوة العلماء هو يقوم بجميع الأعمال الإدارية وغير الإدارية، فالشيخ الندوي كان فارغ البال من الأمور الكثيرة المتزاحمة وكان يقوم بأمور الدعوة والخطابة والكتابة هادئا مطمئنا والشيخ محمد الرابع الحسني الندوي يؤدي المسؤولية عنه.

كان الشيخ الرابع من أفذاد الأدباء والكتاب، ألف كتبا كثيرة في موضوعات شتى مثل الأدب العربي بين عرض ونقد، ومنثورات من أدب العرب، وسراجا منيرا (على السيرة النبوية)، وجزيرة العرب، الهداية القرآنية، وغيرها من الكتب العلمية والأدبية.

كانت حياته حافلة بالعطاء الفكري والعلمي والأدبي والخلقي والديني. من ميزاته وخصائصه الحلم والصبر والإخلاص والتقوى والاستغناء والطهر والعفاف وغنى النفس واللقاء مع الناس بوجه طليق، وينفع الناس ولا يؤذيهم امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الناس من ينفع الناس، والتألم والتوجع على أحوال المسلمين. وإنه يمتاز بالعلم والأدب والنبوغ والكمال في الصفات الإنسانية، وكان مرآة صادقة للميزات والخصائل والشمائل التي نقرأها عن ذات الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان أستاذا بارعا، حينما يدرس يشرح الكلمات شرحا وافيا ويبين خلفية كل شيء بتفصيل وإيضاح حتى يترسخ في ذهن الطالب جميع المعلومات التي تتعلق بذلك الدرس أو الموضوع. كانت خدماته تحيط بشتى الجوانب العلمية والفكرية والأدبيه وأمور المسلمين والإنسانية ومسؤوليات ضخمة وجليلة نحو ندوة العلماء وأحوال المسلمين.

فلاشك أن وفاته خسارة عظيمة لندوه العلماء فحسب بل للأمة الإسلامية. تغمده الله برحمته الواسعة وبرد مضجعه وأنزل عليه شآبيب رضوانه. آمين.

×