ملامح بارزة لشخصية الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله

العلامة السيد محمد الرابع الحسني الندوي: كلمات ونظرات
9 سبتمبر, 2023
ملامح شخصية الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي
9 سبتمبر, 2023

ملامح بارزة لشخصية الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله

محمد معراج الحسن الندوي

ولد الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله عام 1929م في أُسرة الأشراف الحسنيين التي انتقل جدها الأمير السيد قطب الدين محمد الهاشمي المدني (581 – 677هـ) إلى الهند في القرن السادس الهجري واستوطنت في شمالي الهند، بارك الله في هذه الأسرة وكثر فيها العلماء والدعاة والمجاهدون، كان من أشهرهم السيد علم الله بن السيد فضيل الحسني (1033 – 1096هـ) مؤسس المركز الديني التربوي الكبير في تكيه كلان رائ بريلي، وإن هذه الأسرة لم تزل معروفة بخدماتها النيرة في مجال الجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الله والتربية والتزكية والإرشاد والإصلاح، وكانت منذ قدومها إلى الهند إلى عهدنا هذا متمسكة بعقيدة التوحيد الخالص وكانت الدعوة إلى التوحيد واتباع السنة المطهرة شعارها الدائم وميزتها البارزة.

إنه نشأ وتربّى وتلقى الدراسة الابتدائية في بيت العلم والصلاح ثم انتقل إلى لكناؤ ونال هناك عناية كريمة من خاليه الدكتور السيد عبد العلي الحسني والسيد أبي الحسن علي الحسني الندوي، وقد اعتنى الشيخ أبا الحسن بدراسته وتربيته وتهذيبه وتثفيقه، ثم التحق بدار العلوم لندوة العلماء وقرأ على أساتذة كبار في عصره حتى أتم دراسته وتخرج فيها عام 1948م، ثم عين مدرسًا فيها، وكذلك استفاد من مشايخ عظام في عصره، ولازم الشيخ أبا الحسن الحسني الندوي ملازمة الظل لصاحبه، وسافر معه إلى الحجاز في عام 1950م وأقام أكثر من سنة قضاها في الدعوة وكسب العلم من مناهل العلم والمعرفة فيه، ثم عاد إلى لكناؤ وعين أستاذًا مساعدًا للأدب العربي في دار العلوم لندوة العلماء عام في 1952م، وانقطع إلى مطالعة مصادر الأدب واللغة والتاريخ وعكف على دراسة أفضل ما كتب في هذا الموضوع واستفاد من مكتبة اللغة العربية الزاخرة والتقط منها جواهر نفيسة وروائع رائعة وأودعها كتبه.

وكان من أهم مقاصد ندوة العلماء إصلاح مفيد وتغيير متزن في منهجها الدراسي وقد ساهم في هذا العمل الجليل الأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي مع الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي وقام بإعداد كتب دراسية قيمة كالجزء الثالث من معلم الإنشاء، ومنثورات من أدب العرب، والأدب العربي بين عرض ونقد، ومختار الشعر العربي، وجزيرة العرب، فكتب وجمع واختار فأجاد وأحسن، وألف خلال تدريسه كتبًا مفيدة أخرى.

وقام بعمل التدريس أحسن قيام، فبرزت ملكته الفائقة وبراعته المثالية وأستاذيته الكبرى ونبوغه في تفهيم الدرس وتسهيله على طلبة العلم حتى استفاد منه آلاف من المتعلمين والدارسين، وفي عام 1959م أصدر صحيفة “الرائد” الشهيرة وأثراها بمقالاته القيمة الأدبية العلمية والثقافية وبها تأهل عدد وجيه من الكتاب المتميزين باللغة العربية، وإن هذه الصحيفة لا تزال تصدر من ندوة العلماء بجانب مجلة “البعث الإسلامي” وعين عميد كلية اللغة العربية عام 1970م، ولم يزل يُلقى المحاضرات ويدرس ويكتب بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويمتاز بسهولة التعبير وسلالة اللفظ وجزالة التركيب وروعة البيان وفي عام 1993م عين مدير دار العلوم لندوة العلماء فأدى مسئوليته بكل من الجدية والاهتمام حتى عين نائب الرئيس لندوة العلماء عام 1998م وبعد وفاة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي عام 1999م انتخب رئيسًا عامًا لندوة العلماء عام 2000م، وكذلك عين نائب الرئيس لرابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيسها لشبه القارة الهندية وبعد وفاة رئيسها الدكتور عبد القدوس أبي صالح انتخب رئيسًا لرابطة الأدب الإسلامي العالمية عام 2022م، وكان أصبح خليفة للشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي في مجال التزكية والإحسان والإرشاد والإصلاح فتزكت به آلاف من القلوب واسترشد به خلق كثير.

وكان الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي راسخًا في عقيدة التوحيد متبعًا للسنة المشرقة متصفًا بصفات حميدة من الإخلاص والزهد والورع والتواضع والحلم والأناة وتقوى الله في السر والعلن وما ظهر منها وما بطن متحليًا بأخلاق نبيلة من الرحمة والرأفة والبر والإحسان، معروفًا بالصبر والثبات على مواقفه الحاسمة، متسمًا بالاعتدال والوسطية في أموره متزينًا بطلاقة الوجه وميسور من القول في لقائه وزيارته وبأسلوب من التيسير في حلول القضايا والمشاكل طيلة حياته.

كان رحمه الله تعالى قرآني الأخلاق محمدي السلوك، حسني السيرة، رباني الغاية، إسلامي المنهج والفكر والدعوة والتربية، فقد كان هواه وشعوره وعواطفه، وميوله ونزعاته كلها تبعًا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

غفر الله له ورفع درجاته وأكرم في الفردوس مثواه وجعله من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

×