السيد رياست علي الندوي
6 يونيو, 2024الشيخ السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي وتأليفه “الطريق إلى المدينة” في ضوء حب النبي صلى الله عليه وسلم (2/ الأخيرة)
23 يونيو, 2024أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه
عبد الودود الندوي
أحد السابقين الأولين، يجتمع في النسب هو والنبي صلى الله عليه وسلم في فهر، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وسمّاه أمين الأمة.
عن مالك بن بخامر أنه وصف أبا عبيدة فقال: كان رجلاً نحيفًا، معروق الوجه، خفيف اللحية، طُوالاً، أحنى، أثرم(2) الثنيَّتَين.
عن يزيد بن رومان قال: انطلق ابن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة ابن عبد الأسد، وأبو عبيدة الجراح حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض عليهم الإسلام وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وقد شهد أبو عبيدة بدرًا، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاءًا حسنًا، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وَجْنَة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه فحسن ثغره بذهابهما، حتى قيل: ما روي هتمٌ قط أحسن من هتم(2) أبي عبيدة.
وفي “الزهد” لابن المبارك: حدثنا معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قدم عمر الشام، فتلقاه الأمراء والعظماء، فقال: أين أخي أبو عبيدة؟ قالوا: يأتيك الآن، قال: فجاء على ناقة مخطومة بحبل، فسلّم عليه، ثم قال للناس؛ انصرفوا عنا، فسار معه حتى أتى منزله، فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وتُرسه وحله، فقال له عمر: لو اتخذت متاعًا، أو قال شيئًا، فقال: يا أمير المؤمنين! إن هذا سيُبَلِّغُنا المقيل.
ابن وهب: حدثني عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر: أن عمر حين قدم الشام، فقال لأبي عبيدة: إذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تعصّر عينيك عليّ، قال: فدخل، فلم ير شيئًا، قال: أين متاعُك؟ لا أرى إلا لبدًا أو صحفة وشنا، وأنت أمير، أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى جونة(3)، فأخذ منهما كُسَيْرات، فبكى عمر، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستُعَصّر عينيك عليّ يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلّغك المقيل، قال عمر: “غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة”.
الفَسوى: حدثنا أبو اليمان، عن جرير بن عثمان، عن أبي الحسن عمران بن نمران، أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر فيقول: ألا رُبّ مبيِّض لثيابه، مدنس لدينه! ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات.
وقال ثابت البناني: قال أبو عبيدة: يا أيها الناس! إني امرؤ من قريش، وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى، إلا وددت أني في مِسلاخه، وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره، وكانوا ثلاث مائة، فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له الغبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله، وفي سبيل الله، فكلوا. توفي أبو عبيدة سنة سبع عشرة.
الهوامش:
- الأثرم: مكسور الأسنان.
- الهتم: كسر في الثنايا من أصولها.
- الجونة: بالفتح والسكون: الخابية المطلية بالقار، وبالضم: معناه: سليلة مستدبرة مغشاة بالجلد يحفظ العطّار فيها الطيب.