هل الإغلاق حلّ لمكافحة فيروس كورونا؟
27 مايو, 2021موجة ثالثة من فيروس كورونا في الهند
26 يوليو, 2021الشيخ محمد حمزة الحسني الندوي في ذمة الله تعالى
ودَّعت الأمة الإسلامية في شهر واحد علماء كباراً ودعاة عظاماً وأعلاماً مخلصين للدين والأمة، فقد فقدت أسرة ندوة العلماء في أسبوع واحد عدداً من أعلامها المخلصين، ومنهم البروفيسر أطهر حسين خالدي رئيس الشئون المالية لندوة العلماء، والشاعر الإسلامي المعروف بالأردية رئيس الشاكري الندوي، والعالم الجليل الشيخ محمد حمزة الحسني الندوي نائب الرئيس العام لندوة العلماء، وآخرون من أعضاء المجلس الاستشاري والمجلس التنفيذي لندوة العلماء.
وأما الشيخ محمد حمزة الحسني الندوي، فقد توفي يوم الجمعة 24/ من رمضان المبارك 1442هـ المصادف 7/ من مايو 2021م عن عمر يناهز 71 عامًا، بعد ما عانى من مرض عضال مدّة، فإن لله وإنا إليه راجعون.
إنه قضى حياة حافلة بالعمل الدؤب والجهد المتواصل والعطاء، عشتُ معه مدة فوجدته متعاوناً مع العاملين في مجال العمل الإسلامي، واقفًا كالصخرة الصماء في وجه المشكلات والأزمات، وفي مواجهة القضايا الإدارية لندوة العلماء، فكان رجلاً عظيمًا، ومدبرًا كبيرًا، وإداريًا محنكًا، ووقورًا حليمًا،ذا عفاف وتقوى وأناة، ظلّ يصارع الدعايات التي أثيرت من يمين وشمال حول ندوة العلماء،وله مواقف مشهودة في هذا المجال.
عرفتُه منذ أكثر من عشرين سنة، فعرفت فيه العقل الذكي، والقلب النقي، والخلق الرضي، والعزم الأبيّ، عرفتُ فيه محباّ صادقاً مخلصاً للنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم وصحابته البررة رضي الله عنهم، وما عرفتُ فيه إلا الصدق في الإيمان، والسداد في القول، والإخلاص في العمل، والرشد في الفكر، والطهارة في الخلق، والمحبة للخير،والغيرة على الدين، والحرص على العدل، وحب اللخير للجميع.
ومن خلق السماحة لديه أنه كان قريبًا جدًا للذين يعملون معه، ما كانوا يشعرون أنهم مع رئيس يستعلى عليهم، بل مع أب يحنو عليهم، ولا غرو إن استمر الذين عملوا معه سنين، بل عقوداً، لم يتغير عليهم، ولم يتغيروا عليه.
ولد الشيخ محمد حمزة الحسني الندوي عام 1950م في قرية تكية كلان برائي بريلي،ونشأ في بيئة دينية علمية صالحة،كان والده الشيخ محمد الثاني الحسني ابن أخت الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي،عالمًا كبيرًا، وأديبًا بارعًا،وكانت أمُّه عابدة زاهدة، وامرأة صالحة، وأديبة شاعرة، فنشأ في جو علمي روحاني وديني بحت، وتلقى تعليمه الابتدائي في بيته، ثم التحق بدار العلوم لندوة العلماء حيث نال شهادة العالمية ثم شهادة الفضيلة في علم الحديث النبوي الشريف،واستفاد من سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي، وفضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي، والشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي، وآخرين من كبار أساتذة دار العلوم لندوة العلماء،كما كان على صلة قوية بكبار العلماء الربانيين والصلحاء في عصره، وبعد تخرُّجه عمل كرئيس تحرير لمجلة “رضوان” (بالإردية) نحو أربعين سنة، وهي تقدم الغذاء الصالح، وتوجه النساء، ولها دور في بناء المجتمع الإسلامي،وتربية البنات المسلمات، وعرض دور النساء المسلمات في مجال خدمة الإسلام، وفي عام 1999م انتخب عضواً في المجلس التنفيذي لندوة العلماء، وعيِّن أمين عام لها، وفي 2018م عيِّن نائب الرئيس العام لندوة العلماء، ومن أبرز خدماته في ندوة العلماء أنه نظّم المالية، ووضع نظاماً متقناً لوظائف العاملين من الأساتذة والموظفين الآخرين، وفي عهده أحرزت ندوة العلماء تقدماً كبيراً في بناء المباني لسكن الطلبة كما لعب دوراً كبيراً في توسعة المسجد الجامع لندوة العلماء تحت توجيه عمه فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي الرئيس العام لندوة العلماء، كما انتشرت في عهده المدارس الملحقة بندوة العلماء في مختلف أنحاء البلد، وكان مهتمَّا بعقد الجلسات الدينية والمخيمات التربوية وإنشاء الكتاتيب الدينية في القرى والأرياف.
وكان الراحل الكريم ذا ذوق أدبي أصيل باللغة الأردية، ورثه من أبيه الشيخ محمد الثاني الحسني الندوي الذي كان أديباً موهوباً، وشاعراً إسلامياً كبيراً، وله داوين عديدة في الحمد والمديح النبوي، فكان أسلوب الشيخ حمزة الحسني الندوي أدبياً ومؤثراً سلساً، كانت كتاباته وافتتاحياته في مجلة “رضوان” مقبولة لدى القراء، وله كتب حول السيرة والتاريخ، ومن كتبه سيرة أمهات المؤمنين، وتذكرة الصحابيات، تولى رئاسة مجلة “رضوان” عام 1971م، وفي عام 2005م اختير عضوًا في الوقف السني المركزي بولاية أترابراديش مرتين، وكان مشرفاً عاماً على مجلة “تعمير حيات” الناطقة باسم ندوة العلماء، وأخيراً جمع ورتَّب رسائل سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي في ستة مجلدات طبعت منها خمسة والمجلد السادس تحت قيد الطبع، والعمل يجري لجمع بقية الرسائل للشيخ الندوي.
وكان عضواً في أكثر من هيئة ومؤسسة خيرية واجتماعية وتعليمية، فكان نائب رئيس الجامعة الإسلامية بأعظم جراه التي أنشأها فضيلة الشيخ الدكتور المحدث الجليل تقي الدين الندوي رئيس الشئون التعليمية لندوة العلماء، وكان على صلة بكثير من الجمعيات والمؤسسات في البلد، وأنشا مكتبة تجارية “مكتبة الإسلام” وكان الأمين العام للمجمع الإسلامي العلمي الذي أنشأه سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي.
رحمه الله وغفر له، وأسكنه الفردوس الأعلى وتقبله في المتقين من عباده، وحشره مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وعوَّض الله الأمة عنه خيرًا، وخلفه في أهله وذويه بخير ما يخلف عباده الصالحين.
(مدير التحرير)