كيف تبقى هذه الأمة عزيزة منتصرة؟!

السلاح الأكبر
14 مارس, 2024
الكرة في ملعبنا
12 مايو, 2024

كيف تبقى هذه الأمة عزيزة منتصرة؟!

جعفر مسعود الحسني الندوي

إن الظروف التي نمر بها اليوم، تستلفت نظرنا إلى ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر حين نظر إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا، رأى هذا العدد الهائل من المقاتلين الكفار الذين زحفوا إلى المدينة، ورأى أسلحتهم، ورأى خيولهم وجمالهم، ورأى ما فيهم من الحماس والعداء والحقد والكراهية للمسلمين، ورأى أنهم متحمسون للغاية على قطع شأفة الإسلام والقضاء على مستقبل هذه الأمة والقضاء على الدعوة الإسلامية.

ورأى ضآلة عدد المسلمين وقلة أسلحتهم وعدم توفُّر ما يحتاجون إليه في هذه الحرب من الخيول والجمال، فاستعرض الواقع، وعرف أن التفاوت عظيم، والفجوة عميقة، والبون شاسع،ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم أمام ألف مقاتل مدربين على الحروب، شاكسي السلاح، لابسي الدروع على متون الخيول والجمال.

فلما رأى هذا الواقع فعل ما يفعله المتوكلون على الله في مثل هذه الأوضاع، لأنه كان يؤمن بأن النصر بيد الله، وأن السلاح ليس قاضيًا، وليس مقرِّرًا للمصير، وإن التدريب الحربي والحماس الحربي لا يأتيان بشيء إلا بإذن خالق الكون ومالكه، وإن القاضي والمقرِّر للمصير هو إرادة الله، فاستقبل القبلة، ومدَّ يديه، وجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض” فما زال يهتف بربه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه،فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك”.

كان العقل يقول إن المسلمين سينهزمون، ولا يمكن لهم أن ينتصروا على من هم أكبر عددًا وأكثر عدة، ولكن تحقق لهم النصر المبين الخارق للعادة والمحير للعقول والألباب الذي لم يتحقق مثله في تاريخ الحروب، فمعنى ذلك -كما يقول سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي- ” أن شريطة بقاء المسلمين، وإن مبرِّر وجودهم، رغم هذه المعارضات العنيفة، وهذه المؤامرات الدقيقة، وهذه العزائم القوية، وهذه الأسلحة المدمرة هو أنهم يدعون إلى عبادة الله تبارك وتعالى، يعبدون الله عزوجل وحده، ويجاهدون، ويجتهدون لتنفيذ أوامر الله تبارك وتعالى، وتطبيق شرائعه، وهذه هي القيمة لهذه الأمة.

لا أدلّ  من هذا،ولا أوضح من هذا الكلام، وأنا أقول ذلك في ضوء دراساتي الواسعة المقارنة وتجاربي الحيوية، والطبيعية، والعقلية، أولاً تستغرب كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة التي لا يقولها الرسول بنفسه،وهو أعرف الناس قاطبة من غير استثناء، أعرف بجلال الله، وأعرف بغنائه، وهو يعرف أنه غني عن العالم كله، وأنه لا يحتاج إلى الأسباب، لا يحتاج إلى من يدعو إليه،ويدعو إلى التوحيد وإلى عبادة الله وحده، ولكنه قال إلهامًا من الله عز وجل”.

ويدل هذا الانتصار والغلبة للمسلمين في معركة بدر رغم قلة عددهم وضعف أسلحتهم على أنهم ماداموا يعبدون الله وينفذون أوامره ويتوكلون عليه، ويتمسكون بشريعته يكون النصر حليفهم والغلبة تتبعهم.

×