الدعوة الإسلامية فريضة وضرورة
21 فبراير, 2022ازدواجية المعايير!!
7 أبريل, 2022أوربا في الانتحار
العلامة السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي
الحاصل أن الغربيين لما فقدوا الرغبة في الخير والصلاح، وضيعوا الأصول والمبادئ الصحيحة، وزاغت قلوبهم وانحرفت، واعتلت أذواقهم، لم تزدهم العلوم والمخترعات إلا ضررًا، كما أن الأغذية الصالحة تستحيل في جسم الممعود والموبوء مرضًا وفسادًا، بل لم تزدهم هذه الآلات والمخترعات إلا قوة وسرعة في الإهلاك واستعانة على الانتحار؛ وقد أحسن المستر إيدن Eden رئيس وزراء بريطانيا السابق وصف ذلك في بعض خطبه سنة 1938م:
“إن أهل الأرض كادوا يرجعون في أخريات هذا القرن إلى عهد الهمجية والوحشية، ويعيشون عيشة سكان الكهوف والمغارات، ومن الغريب المضحك أن البلاد والدول تنفق ملايين من الجنيهات على وقاية نفسها من آلة فتاكة تخافها، ولكنها لا تنفق على ضبطها، وإني أتعجب في بعض الأحيان وأقول: كيف لو زار العالم الجديد زائر من كوكب آخر وهبط إلينا فما عسى أن يشاهده؟ سيجدنا نعد العدة لإهلاك بعضنا، ونتبادل الأنباء عنها ويخبر بعضنا بعضًا كيف نستعمل هذه الآلات الجهنمية”.
القنبلة الذرية وفظائعها:
لعل المستر إيدين لما أفضى بهذا الحديث لم يدر بخلده أن العالم المتمدن وعلى رأسه أمريكا رسول السلام وزعيم الحضارة والعالم الجديد؛ سيتوصل أثناء الحرب إلى استعمال آلة تبز جميع الآلات والمخترعات في التدمير والتقتيل، وتفوق ذكاء الإنسان وخياله في الهول والفظاعة، قد كانت هذه الآلة هي القنبلة الذرية التي جربتها أمريكا مرة في صحراء نيوميكسيكو، وثانية على رؤوس البشر في مدينة هيروشيما، وبعدها في نجازاكي المدينتين اليابانيتين، وقد أذاع رئيس بلدة (هيروشيما) في 20 أغسطس 1949م أن الذين هلكوا في اليوم السادس من أغسطس 1945م من اليابانيين يتراوح عددهم بين مئتي ألف وعشرة آلاف ومئتي ألف وأربعين ألفًا (ب – ت).
يقول المستر استورت (Stuart Gilder) في مقالة نشرتها صحيفة الهند الإنجليزية السيارة (Statesman) في عددها الصادر في 16 سبتمبر 1945م.
يقول البروفسور (Plesch):
“لا يؤمن على الناس الذين كانوا يبعدون عن المنطقة التي انفجرت فيها القنبلة الذرية بمئة ميل أن يكونوا قد تأثروا بها، فينبغي أن يفحص عنهم فحصًا طبيًا، ولا يستغرب أن يصبح الناس يومًا ويقرؤوا في الجرائد أن علامات الإصابة بطاعون القنبلة الذرية قد ظهرت في الذين يسكنون على آلاف أميال من اليابان.
ويقول البروفسور (م. ي. أولى فنيت) معلم جامعة برمنجهام وعضو الهيئة الصناعية في إعداد القنبلة الذرية:
“من الأمور الخرافية أن يعتقد إنسان أن بريطانيا أو دولة أخرى تستطيع أن تحافظ على سر القبنلة الذرية، إن المبادئ التي قامت عليها صناعة القنبلة الذرية مكشوفة لكل دولة، إن بريطانيا وأمريكا استفادتا بتجاريب السابقين وبلغتا إلى نهاية صناعة القنبلة الذرية، ولكنها لا تدوم سرًا حربيًا إلا لأجل معدود، لأن كل بلاد صناعية تستطيع أن تعد القنبلة الذرية في مدة خمس سنوات، وإذا أفرغت جهودها ووجهت قواها إلى صناعتها فيمكن أن تبلغ إلى نهايتها في سنتين”.
ويقول البروفسور المذكور:
“وأنا على يقين أنه سيظهر في مدة قصيرة على مسرح العالم قنابل تفوق القنابل الأولى بعشرة آلاف طن في قوة الانفجار، وستليها قنابل قوتها مليون طن، ولا ينفع في التوقي منها دفاع أو احتياط، وإن ست قنابل فقط من هذا القبيل تكفي في تدمير إنجلترا على بكرة أبيها، وإن العلماء الروسيين ينجحون في إعداد القنابل في مدة قصيرة جدًا”.
وقد اخترعت أمريكا قنبلة أخرى تفوق القنبلة الذرية في القوة والفظاعة، وهي (Hydrogen Bomb) وقد جرى اختبارها للمرة الثانية في المحيط الهادئ يوم 26 من مارس سنة 1954م.
وقد ذكر المستر شارلس – ي – ولسن (Charles E. Wilson) سكرتير وزارة الدفاع أن النتائج كانت لا تكاد تصدق.
وقد ذكر المستر لويس استراس (Lewis Strauss) رئيس لجنة القوة الذرية في أمريكا أن قنبلة هيدروجينية واحدة تستطيع أن تبيد مساحة مدينة نيويورك الواسعة.
وقال العالم الطبيعي الشهير ونائب رئيس مجلس الأمن اللواء صاحب سنج في دهلي الجديدة:
إن أربع قنابل هيدروجينية وزن كل واحدة منها مئة طن تستطيع أن تقتل كل نسمة على وجه الأرض، وقد شاع أخيرًا أن روسيا اكتشفت القنبلة النيتروجينية (Nitrogen Bomb) التي هي أدهى وأمر من القنبلة الهيدروجينية.
وقد تضعضع أساس المدنية الأوربية، كما ذكرنا بتفصيل، ولم يزل بناؤه متزعزعًا، ولم تزده الأيام ولم يزده الارتفاع إلا زيغًا واختلالاً، وفسدت بذرتها، فلم تصلح شجرتها ولم تطب ثمرتها “وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا” [الأعراف:58].