من تبادل التهم إلى الجد والصرامة والعمل

بين إنسان وإنسان
3 فبراير, 2021
الحاجة إلى ملأ الفراغ …
4 أبريل, 2021

من تبادل التهم إلى الجد والصرامة والعمل

الوضع الذي نعيش فيه اليوم، وضع غريب، وضع مقلق، وضع مؤلم، نتبادل فيه التهم، نتبادل فيه الشكاوى، نتبادل فيه أغلظ الأقوال، وأعنف اللهجات، وأقسى الكلمات، كلنا يشكو غيره، ويشك فيما ينوبه، ويستخف بما يقوم به، وينال منه ليحطّ من شأنه، يشكو الشعب القادة، والقادة تشكو الشعب، يشكو الحزب الحاكم الأحزاب المعارضة ويتهمها بكل فساد وبكل خلل في البلاد، وتشكو الأحزاب المعارضة المسؤلين عن الحكم وتتهمهم بكل ما يعاني البلاد من الفقر والبطالة والغلاء ونقص المؤنات والحرمان من التسهيلات وأدوات الراحة، والمنضمون إلى الحركات يشكون الذين ينفصلون عنها ولا يشاركون في برامجها، والمتفرغون للدعوة يشكون الذين لا يتفرغون لها، والمهتمون بالنشاطات الإجتماعية يشكون الذين لا يعنون بها ويشتغلون بأعمال أخرى من التعليم والتربية والدعوة والإرشاد والتوجيه، والمتحرِّرون يوجهون التهم إلى المتدينيين بالتخلف والرجعية والوقوف في وجه الرقي والتقدم،والمتدينون يتهمون المتحررين  بالثورة على الدين، والتمرد على المعتقدات، والخروج على ضوابط الشريعة وتعاليم الإسلام التي حكم بها المسلمون الأوائل على أكبر بقعة من بقاع العالم قرونًا طويلة، واستنار بهم العالم وتقدم وازدهر.

كلنا يتهم الشبكة العنكبوتية والهواتف النقالة ومخترعها لما فيها من إفساد للعقول، ونشر للجرائم، وتفكيك للأسر رغم أن هذه الأداة تلعب دورًا هامًّا في حياتنا الفردية والإجتماعية سلبيًّا وإيجابيًّا، ورغم إستخدامنا لها في كل وقت وفي كل مكان، حتى نرى البعض يسبون الدهر ويشتمونه، في الحديث القدسي يقول الله عزوجل: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار.

فالخطأ الذي وقعنا فيه هو أننا أصبحنا نحاسب غيرنا، ولا نحاسب أنفسنا، ولا نعترف لغيرنا، صدقنا بحياتنا ما قالته الملائكة لله عزوجل: “أ تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء”، ونسينا ما بين الله عزوجل من تلك الصفات التي تجعل الإنسان جديرًا بالإستخلاف في الأرض، والتمكين فيها، هل تحققت فينا تلك الشروط والصفات التي تحقق الإستخلاف والتمكين والنصرة من الله عزّ وجلّ.

هذه هي الأسئلة التي يجب أن نطرحها على أنفسنا، إننا نعيش بالأحلام، والأحلام لا يتغير بها الوضع، ولا يروي بها الظمأ، ولا يشبع بها البطن.

إننا نحتاج إلى العمل المتواصل والجهد المستمر والكفاح الدائم بنية خالصة، وعلى منهج سليم دون أن ننظر إلى الآخر، علينا أن نودي واجبنا، ونلعب دورنا في كل ما يتعلق بحياتنا، وفي كل ما يقتضيه ديننا، هذا هو المطلوب منا.

جعفر مسعود الحسني الندوي (رئيس التحرير)

×