ليلة مذبحة: عرض وتحليل (2)
4 مارس, 2021الصامدون في وجه الاستعمار (1)
4 أبريل, 2021الأستاذ مسعود عالم الندوي: حياته وآثاره
هو الباحث الإسلامي، الكاتب القدير، الصحفي البارز، والأديب الأريب الأستاذ مسعود عالم الندوي، يُعد من أكبر محبي اللغة العربية في القرن العشرين في الهند، فإنه لم يمارس اللغة العربية دراسة وتدريساً وكتابة فحسب، بل رفع لواء اللغة العربية كلغة حية في الهند، وبقي طول حياته يحبها ويكتب فيها ويدعو العامة والخاصة إلى دراستها كدعوته إلى دين الإسلام. قال فيه العلامة سليمان الندوي: “إنه شكيب أرسلان في شبه القارة الهندية”، وقال الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي: “إنه كان متصلبًا في اللغة العربية إلى حد كبير”. وخير شاهد على ذلك ما كتبه الأستاذ مسعود عالم الندوي بنفسه في رسالة إلى الشيخ أبي الحسن الندوي قائلاً: “سوف أستمر في نشر الأفكار الندوية، والمنهج السليم، والعربية حتى أن أسقط شهيداً في سبيلها”.
مولده ومنشأه:
ولد الأستاذ مسعودعالم الندوي في قرية “أوغاؤں” من مديرية “نالنده” بولاية بهار في 21 من محرم 1328هـ المصادف 11 من فبراير1910م. وكانت أسرته معروفة في العلم والعمل. ركّز أبوه الطبيب عبدالفتح عبدالشكور على تعليمه اللغة العربية تركيزا ًخاصًّا. وكانت النتيجة أن تملكه حب اللغة العربية منذ صباه وامتزج بلحمه ودمه وتسلسل طول حياته.
طلبه للعلم:
تلقى دراسته الابتدائية على والده، ثم دخل في مدرسة عصرية، ثم في مدرسة دينية تدعى “المدرسة العزيزية”. وهنالك عكف على العلوم الدينية. وتخرج فيها يحمل شهادة “المولوي”. ثم انتسب في مدرسة “شمس الهدى” وأكبَّ على دراسة العلوم الشرعية. ومن حسن حظه أنه كانت تتوفر في تلك المدرسة مجلات عربية عديدة، فاغتنم هذه الفرصة وانقطع إلى دراسة اللغة العربية. وبعد التخرج في “شمس الهدى” ذهب إلى دهلي يدرس في مدرسة المفتي كفايت الله الدهلوي، ولكنه لم يمكث هناك أكثر من شهرين. ذات يوم، اتفق أن يلتقي بالعلامة السيد سليمان الندوي. وثبت هذا اللقاء مباركا جدا بالنسبة إليه. فما إن اتصل به حتى تعلق به قلبه كأنه كان منه على ميعاد. وبدأ يشاوره في كل أمر. وبمشورة منه، التحق بدارالعلوم لندوة العلماء في يوليو عام 1928م. وحصل منها على شهادة العالمية عام 1929م. وبقي يدرس في قسم الأدب العربي عامين. ثم عاد إلى وطنه بهار وبدأ يدرس العلوم العصرية بشكل منظم.
في دار العلوم لندوة العلماء كأستاذ ومدير لمجلة “الضياء”:
عام 1932م، قرر العلامة سليمان الندوي والشيخ تقي الدين الهلالي المراكشي إصدار مجلة عربية عن ندوة العلماء واستقر رأيهما على الأستاذ مسعود عالم الندوي لإدارة تلك المجلة. ولما بلغه ذلك فرح فرحاً وجاء تواً إلى ندوة العلماء. وهكذا، صدرت أول مجلة عربية عن ندوة العلماء في محرم 1351هـ المصادف مايو 1932م. إلى جانب إدارة “الضياء” قام بالتدريس في دارالعلوم.
تنقلاته في البلاد:
كان الأستاذ مسعود عالم الندوي يفكر كل وقت في أداء الأفضل فالأفضل. عام 1937م، انتقل إلى بلدة “بجنور” وانضم إلى الهيئة الإدارية لمجلة “مدينة” الأردية. ولكنه غلب عليه الحنين إلى ندوة العلماء فرجع إليها مرة أخرى على أمر من العلامة سليمان الندوي. وبعد مدة قصيرة، اشتغل بمكتبة “خدا بخش” بـ”بتنه”. ثم لم يزل يتنقل بين البلاد، واحدة تلو الأخرى، بين بلاد الهند وباكستان والعراق والحجاز، يتعلم دائما ويعمل مصنفا ومترجما وحركيا وداعيا. وبحكم شخصيته الفعالة انضم إلى حركة “الجماعة الإسلامية” ولعب دورًا كبيرًا فيها.
آثاره الكتابية:
وله مؤلفات قيمة، منها: “تأثير الإسلام في الشعر العربي” و”تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند” و”حاضر مسلمي الهند وغابرهم” في العربية. أما مؤلفاته في الأردية فمنها “الحركة الإسلامية الأولى في الهند” و”نظرة على أفكار الشيخ عبيدالله السندي” و”محمد بن عبدالوهاب المصلح المظلوم والمفترى عليه” و”الاشتراكية والإسلام” و”الترجمة العربية (في قواعد اللغة العربية)” و”محاسن سجاد (حياة الشيخ أبي المحاسن محمد سجاد رحمه الله)”. و”إضافة في “اللغات الجديدة” للعلامة سليمان الندوي. أما مقالاته التي نشرت في الجرائد الأردية والعربية فهي كثيرة بالإضافة إلى نقل عدد من كتب الشيخ أبي الأعلى المودودي إلى العربية.
وفاته:
لأجل انتمائه إلى حركة الجماعة الإسلامية انتقل الأستاذ مسعود عالم الندوي إلى مدينة “راولفندي” بباكستان بعد التقسيم. وساهم في نشاطاتها مساهمة كبيرة، وتوفي في “كراتشي” في 17 من مارس عام 1954م، رحمه الله رحمة واسعة.
مبين أحمد الأعظمي الندوي