كيف يتغير المصير المحتوم؟ (1)
21 مارس, 2020الإيمان سلاح المؤمن الوحيد
13 أبريل, 2020… إلى دعوة إسلامية جديدة
إن جهاد اليوم وإن خلافة النبوة وإن اعظم القربات وأفضل العبادات أن تقاوم هذه الموجة اللادينية التي تجتاح العالم الإسلامي وتغزو عقوله ومراكزه، وأن تعاد الثقة المفقودة إلى نفوس الشباب والطبقات المثقفة بمبادئ الإسلام وعقائده وحقائقه ونظمه، وبالرسالة المحمدية، وأن يزال القلق الفكري والاضطراب النفسي اللذان يساوران الشباب المثقف، وأن يقنعوا بالإسلام عقلياً وثقافيا، وأن تحارب المبادئ الجاهلية التي رسخت في النفوس وسيطرت على العقول علمياً وعقلياً، وأن يحل محلها المبادئ الإسلامية باقتناع وإيمان وحماسة.
لفقد مضى علينا قرن كامل وأوروبا تغتصب شبابنا،وعقولنا، وتنبت في عقولنا الشك والإلحاد والنفاق وعدم الثقة بالحقائق الإيمانية والغيبية، والإيمان بالفلسفات الجديدة الاقتصادية والسياسية، ونحن معرضون عن مقاومتها ومعتمدون على ما عندنا من تراث، مضربون عن الإنتاج الجديد، معرضون عن فلسفاتها ونظمها ومحاسبتها محاسبة علمية، ونقدها وتشريحها كتشريح الأطباء الجراحين، متعللون بالبحوث السطحية المستعجلة وبالزيادة في ثروتنا العلمية القديمة، حتى فوجئنا في العصر الأخير بانهيار العالم الإسلامي في الإيمان والعقيدة، وملك زمام الأمور في البلاد الإسلامية جيل لا يؤمن بمبادئ الإسلام وعقيدته، ولا يتحمس لها ولا تربطه بالشعب المسلم المؤمن البرئ إلا “القومية الإسلامية” أو المصالح السياسية.
وبدأت هذه العقلية أو النفسية اللادينية تتسرب عن طريق الأدب والثقافة والصحافة والسياسة إلى الجماهير، حتى أصبحت الشعوب الإسلامية ـ وفيها كل خير وكل صلاح وكل استعداد وهي من أصلح الكتل البشرية في العالم ـ خاضعة لهذه الطبقة بحكم ثقافتها وذكائها ونفوذها، وإذا بقي هذا الوضع تسرب الإلحاد والفساد إلى هذه الشعوب وإلى الطبقات التي تعيش في البادية والقرى وتعمل في المصانع والمزارع وصارت في طريق اللادينية والزندقة، هذا ما وقع في أوروبا وهو واقع في الشرق إذا جرت الأمور مجراها الطبيعي ولم تحل إرادة الله القاهرة.
إن العالم الإسلامي في حاجة شديدة إلى دعوة إسلامية جديدة وإن هتاف الدعاة والعاملين فيه وهدفهم اليوم” إلى الإسلام من جديد” ولا يكفي الهتاف، إنه لابد من تصميم حكيم قبل العمل لابد من تفكير هادئ عميق كيف نرد الطبقة المثقفة التي تحتكر الحياة وتملك الزمام إلى الإسلام من جديد، وكيف نبعث فيها الإيمان والثقة بالإسلام، وكيف نحررها من رق الفلسفات الغربية والحضارة العصرية ونظرياتها اللادينية.
إنه في حاجة إلى رجال ينقطعون إلى هذه الدعوة ويكرسون عليها علمهم ومواهبهم وكفايتهم، ولا يطمعون في منصب أو جاه أو وظيفة أو حكومة ولا يحملون لأحد حقداً، ينفعون ولا ينتفعون، ويعطون ولا يأخذون، ولا يزاحمون طبقة في شيء تحرص عليه وتتهالك، حتى لا تكون لها حجة عليهم ولا للشيطان سبيل إليهم، شعارهم الإخلاص والتجرد عن الشهوات والأنانيات والعصبيات.
إن العالم الإسلامي في حاجة إلى منظمات علمية تهدف إلى إنتاج الأدب الإسلامي القوي الجديد الذي يعيد الشباب المثقف إلى الإسلام بمعناه الواسع من جديد، ويحررهم من رق الفلسفات الغربية التي آمن بها كثير منهم بوعي ودراسة، وأكثرهم بتقليد وتسليم، ويقيم في عقولهم أسس الإسلام من جديد، ويغذي عقولهم وقلوبهم، إنه في حاجة إلى رجال في كل ناحية من نواحي عالم الإسلام عاكفين على هذا الجهاد. (إلى الإسلام من جديد)
(الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي)