الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي

إن وضع المسلمين في عدد من أقطارهم اليوم لا يختلف في خطورة حياتهم عما سبق في تاريخهم في عهد الاستعمار العسكري، فلقد تكالب أعداء الإسلام عليهم اليوم لغزوهم عقديًّا وفكريًّا وثقافيًّا وسياسيًّا،وهم ملحون في جهودهم على إذابة شخصيتهم الإسلامية، وتشخيصهم الخاص، يريد الأعداء منهم أن يصبحوا جزءًا من غيرهم في كل شيء في الثقافة والأدب والفكر والاتجاه والعقيدة، أويتركوا البلاد، ويتشردوا في الآفاق أو يموتوا تحت لفحات التعسف والتطرف والإرهاب.

إنهم ساعون لذلك منذ أمد غير قصير، ولكنه من معجزة الإسلام وهو دين الله الخالد، أن صمدت الروح الإسلامية الراسخة في القلوب والنفوس أمام كل اضطهاد واعتداء، وصبروا وانتظروا من الله الفرج، ثم ظهرت الروح الإسلامية منهم كلما خف عنهما الاضطهاد، ولو بعد عقود من السنين، كما وقع في الماضي القريب في دول استعمرها الاستعمار الغربي، فما زال المسلمون أوفياء لدينهم مخلصين لإسلامهم،عاملين بما أمرهم الله تعالى به، وبما جاء به رسولهم العظيم إليهم، فإنهم داموا ثابتين معتصمين بدينهم، وأثبتوا عزيمة، وصمدوا في وجه العدوان، وقدموا تضحيات جبارة، وردوا كيد العدو رداً عظيمًا باسلاً، ومما يملأ القلب تقديرًا واعترافًا أن إخواننا هؤلاء البواسل في البلدان الأخرى تعاونوا معهم بقدر إمكانياتهم، وتضامنوا بالشعور بآلامهم،والقيام بما تيسر لهم بالدعم، فكان ذلك لهم مدداً وقوة تحفز هممهم، وتزيد من صمودهم وثباتهم،ومكافحة الشر المحدق بهم،وكانوا بدورهم درعًا للإسلام والمسلمين.

كذلك يسهم الإخوة المسلمون الذين أكرمهم الله بالوسائل المادية والوعي الإسلامي في مجهودات الدعوة الإسلامية، ومكافحة الدعاية الحاقدة للإسلام من قبل الأعداء، ويساعدون إخوانهم المسلمين في مجهوداتهم لمكافحة الفقر والجهالة، ونشر العلم،وخدمة الدين، ولهذا الإسهام تأثير فعال على نشر الوعي الإسلامي.

ولقد قام المسلمون بأداء مسئولية هذا التعاون إلى حدٍّ لا بأس به، وتضامنت الأسرة الإسلامية المنتشرة في العالم فيما بينها، وكان لهذا الدعم والتعاون تأثير حسن في حل جانب من مشاكل المسلمين في العالم، فنحن اليوم بأشد حاجة إلى هذه الروح؛ روح المثابرة والثبات،وروح التعاون والتضامن، وروح الأخوة والمحبة، و روح الوحدة والتضحية، وروح الوفاء والولاء للإسلام.