الشعور بالمسئولية ميزة الحياة الإسلامية

مسئولية المسلم عن إيجاد التوازن في الحياة
22 June, 2025
الرائد في عامها السابع والستين
20 July, 2025
مسئولية المسلم عن إيجاد التوازن في الحياة
22 June, 2025
الرائد في عامها السابع والستين
20 July, 2025

الشعور بالمسئولية ميزة الحياة الإسلامية

(سعيد الأعظمي الندوي)

يأتي في إطار العطاء الحضاري للإسلام الشعور بالمسئولية كدعامة أساسية لبناء المجتمع الأفضل،يعم  هذا الشعور كل فرد من أفراد المجتمع في الحياة الفردية والجماعية،وفي الشؤون الخلقية والعائلية والسياسية والاقتصادية التي لا تجد طريقها نحو تحقيق الهدف المنشود من غير أن يتمتع الناس بهذا الشعور الكريم، ولقد كان المجتمع الجاهلي قبل الإسلام يعيش بمعزل عن هذا الشعور،فكان مجتمعًا متفككًا بعيدًا عن الجد المطلوب والتماسك والوحدة، لم يكن يعرف معنى التعاون على الخير والتضامن والتناصح، إنما كانت الكلمة النافذة فيه للقوى الذي يستند إلى قوته ولم يكن في معجم لغته كلمة تشير إلى مفهوم للمسئولية، فعاش الناس أهواء وشهوات، ومعاصي ومنكرات، يكونون طوع إشارتها، وينفذون ما توحى إليهم النفس من أوامر، لا يراعون في ذلك إلا ولا ذمة، فكانت الحياة فوضى، وكان المجتمع أشلاء جسد ممزق، تتحكم  فيه العداوة والبغضاء والقسوة والجفاء، ليس غير.

وفي مثل هذا الوضع الشاذ والجو الخانق ركز الإسلام على بناء مجتمع أفضل يقوم على أساس متين من الأخوة الإيمانية،والاجتماعية الخالصة، والحب والطاعة، والنصح والعطف، والإيثار والتضحية، وهنالك دوي الصوت النبوي الكريم يحذر من سوء عاقبة الجهل والأنانية والحسد والبغض والفرقة والانشقاق، ويدعوهم إلى أخوة الإسلام وفضائل الأخلاق ، وآداب الاجتماع “إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم”. وأراد أن يقضي على الشعور بالتفاوت الطبقي والتفاخر بالأنساب والآباء، وعلى العنصرية القبلية والعصبية الجنسية و اللونية والدموية واللغوية، فقال:”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. وقال:”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”، وقال: ” لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى، كلكم من آدم وآدم خلق من تراب”.

بجميع  هذه التوجيهات النبوية التي كانت من خلال الوحي الذي تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه الكريم، أشار إلى مكانة كل مسلم وموقفه من غيره ، وأثار فيه معاني المسئولية التي يتولاها كفرد من أفراد المجتمع، وطلب منه أن يكون مرهف الشعور بها ويأخذ العدة لأدائها على أحسن وجه، ولا شك فإنه حينما يعرف ما عليه من واجب الإخاء، وما تتطلبه الوحدة التي صرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يعود عليه من تبعة نحو إخوانه وأعضاء أسرته الدينية، فإنه يسعى للقيام بذلك، مما يتكفل بوجود المجتمع الأفضل، الذي يأوى إلى ظلاله الوارفة الباحثون عن الأمن والعافية والحب والسلام.

ولقد ضغط الإسلام على إثارة الشعور بالمسئولية في نفوس المسلمين، لأنه أراد أن يجعله صفة دائمة وميزة قائمة في كل شخص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولته البليغة الخالدة التي سجلها تاريخ الاجتماع العالمي وجعلها مبدأ كل قوة ووحدة، ومنبع كل نشاط وعمل: “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”، ثم فسرها بما يزيدها وضوحًا وتبيانًا فقال : “فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في بيته وهو مسئول عن رعيته، والخادم راع في مال سيده، وهو مسئول عن رعيته” وفي ضوء هذا البيان الجلي تتبين أهمية هذا الشعور ودوره في بناء المجتمع الذي يتوخاه الإسلام والمجتمع المتكاتف والمتعاضد، والمجتمع المتماسك الذي يخطو نحو السعادة والازدهار، والأمن والاستقرار.

كان ذلك  شعار المجتمع الإسلامي بالأمس.