مبين أحمد الأعظمي الندوي

السيد الشاه محمد جعفر الفلواروي الندوي نجل السيد الشاه سليمان الفلواروي القادري الچشتي رحمه الله: عالم فقيه، وقارئ مجود، وشيخ مرشد، ومؤلف قدير، وخطيب مقتدر، وشاعر باللغة الأردية، وربما يقدح زناد فكره في قرض الشعر باللغة الفارسية كذلك، وهو متقن بهما وبالعربية والإنكليزية أيضًا، وله في كل واحدةٍ منها إما تأليفُ كتابٍ أو كتابةُ مقالةٍ سوى اللغة الفارسية، كما أن له درايةً للمعقول أيضًا، ويذكر أن علمه بالفقه يسع الشرائع عند الأئمة الأربعة إلى جانب التعرف بالأحكام الشرعية عند الشيعة. وكان ظريف الطبع، خفيف الروح، دمث الخلق، حسن المحاضرة، حاضر البديهة، قوي الذاكرة، عالي الهمة، وواسع الأفق.

مولده ومنشأه:

ولد الشاه محمد جعفر الفلواروي يوم السبت 29/ من نوفمبر سنة 1902م/1330هـ في “فلواري شريف” بمديرية “بتنه” من ولاية “بهار” في بيت يسوده العلم والعرفان، فنشأ في كنف العلم والأدب، وتلقى من صغره تربية دينية، وتوجيهات رشيدة.

دراسته:

وفيما يتعلق بدراسته، فإنه حصل مبادئ علوم الدين على والده، وتزامنًا مع ذلك درس فير مدرسة عصرية إلى مرحلة التعليم الثانوي العام (Matric)، ثم ترك التعليم العصري لانطلاق حركة عدم الموالاة للإنكليز (Non–Cooperation Movement) واتجه إلى لكناؤ والتحق بدار العلوم لندوة العلماء، واستفاد من أساتذتها، وتخرج فيها سنة 1924م، ومن أساتذته فيها: الشيخ حفيظ الله البِندَوي، والشيخ عبد الرحمن النغرامي، والشيخ العلامة حيدر حسن خان الطونكي، والشيخ شبلي الفقيه.

في ميدان العمل:

ثم شغل نفسه في الأنشطة العلمية والدعوية والتربوية من إلقاء الوعظ، وإرشاد الناس، وإعداد الكتب، وكتابة المقالات، والردِّ على الاستفتاءات، سيرًا على خطى آبائهم، وفي سنة 1933م عُيِّن إماماً وخطيباً في الجامع الملكي بـبلدة “كفور تهله” من بنجاب الشرقية من قبل الحكومة، وأدى هذه الخدمة قرابة سبع عشرة سنة، وكان يجلس في مسجده المذكور لتسوية النزاعات فيما بين المسلمين وفصل قضاياهم بحسب أصول القضاء.

لما انقسمت الهند إلى بلدين، هاجر إلى باكستان، وسكن بلدة “أوكاره” (Okara) لمدة يسيرة، ثم انضم إلى “مؤسسة إعادة بناء الإسلام”، فلما أغلقت تلك المؤسسة، عاد إلى “أوكاره”. وفي 15/ من يونيو سنة 1951م انتظم في “إدارة الثقافة الإسلامية”، وعمل فيها أكثر من اثنتين وعشرين سنة، واعتزل عنها في غرة أكتوبر سنة 1973م بسبب ضعف البصر، وخلال هذه الفترة ربما تذاع خطبه عبر راديو باكستان بلاهور أيضًا، ثم انتقل إلى “كراتشي”، حيث يصرف أوقاته في إلقاء دروس القرآن الكريم، وتأليف الكتب، وهناك اختير رئيسًا لـمجلس السنة لباكستان، فكان يخطب أيضًا في الحفلات الدعوية التي يعقدها المجلس.

مؤلفاته:

صنف تصانيف مفيدة بالأردية، منها: “رسول الإنسانية” وهو كتاب شيق جدًّا في السيرة النبوية، و”حديقة السنة” مجموعة أربعين حديثًا شَرَحَ أحاديثه بأحاديث أخرى وآيات قرآنية، و”منتخب الأحاديث” و”مجمع البحرين”، جمع فيه أحاديث اتفق عليها أهل السنة والشيعة، و”بعض قضايا زوجية”، و”قضايا اجتهادية”، و”مقترحات دستورية هامة بشأن الحياة الزوجية”، و”قضية تعدد الزوجات”، و”مكانة السنة”، و”الإسلام والتخطيط العائلي”، و”رؤية الهلال”، و”نظرة فاحصة في الأدعية”، و”الإسلام والفطرة”، و”الإسلام دين يسر”، و”الإسلام والموسيقي”، و”تربية الأطفال”، و”The Holy Quran At A Glance” (لمحة سريعة عن القرآن الكريم)، كتبه باللغة الإنكليزية بشكل مباشر، أما الكتب التي ترجمها باللغة الأردية، فهي كالتالي: “معرفة علوم الحديث” للإمام أبي عبد الله الحاكم النيسابوري (م 405هـ)، و”الوعد الحق” لطه حسين المصري، و”الفخري في تاريخ الآداب السلطانية والدول الإسلامية” للمؤرخ الشيعي محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطِّقطَقى (م709هـ). وزد إلى ذلك مقالات كثيرة له كان يكتبها في مجلات وجرائد مختلفة، منها: “الاعتصام”، و”الثقافة”، و”المعارف”، وقد طبعت مجموعة من مقالاته بالأردية باسم “مقالات”، ويجدر بالذكر أنه كان يكتب بانتظام في المجلتين العربيتين “الدراسات الإسلامية” الصادرة عن إسلام آباد، و”اليقين” الصادرة عن كراتشي لمدة طويلة.

وفاته:

وافته المنية في 31/ من مارس سنة 1982م في كراتشي بالغاً من العمر تسعاً وتسعين سنةً وأربعةَ أشهر، ودفن فيها في مقبرة “باكستان كلشن اقبال”. رحمه الله رحمةً واسعةً وأدخله دار النعيم.