إصلاح النفوس عمل مبدئي في الإسلام

الحج شعار الوحدة الإسلامية
23 يونيو, 2024
خطوات نحو تطوير النفس وترقيتها
7 أغسطس, 2024

إصلاح النفوس عمل مبدئي في الإسلام

محمد الرابع الحسني الندوي

إن العالم الإسلامي يمرُّ اليوم من خلال محنة شديدة، فقد أصبحت مسيرته تابعة للقوى العالمية الكبرى المسيطرة على الشعوب الضعيفة، وهذه الشعوب الضعيفة هي الشعوب الشرقية، وغالبيتها تشتمل على المسلمين، واختارت هذه القوى العالمية للسيطرة على هذه الشعوب الضعيفة وسائل مؤثرة، وهي وسيلة الإعلام، ووسيلة التهديد باستخدام الأسلحة الحربية المهلكة، ووسيلة التأثير بالمال والاقتصاد، وهي تقوم بمساعيها الاستعمارية بكل مكيدة واحتيال منذ قرنين وأكثر، توصلت بذلك إلى السيطرة على هذه الشعوب، ولكن قبل أن نلوم هذه القوى الغربية على هذه المؤامرات يجب أن نستعرض أخطاء شعوبنا الشرقية أيضًا في هذا المجال، فإن الشعوب الإسلامية في هذا العالم الشرقي في عدد كبير، وهي متفرقة فيما بينها رغم تعليم الإسلام بأن تتحد وتعتصم بحبل الله المتين، إنها خالفت تعاليم الإسلام التي حصلت لها عن طريق الوحي إلى نبيهم الكريم، وسنته النبوية الشريفة.

لقد كان المسلمون قبل ثلاثة قرون في قوة كبيرة، وكان الغرب يهابهم وينهزم أمام قوتهم، وكان ذلك بسبب وحدتهم عملاً بقول الله تعالى “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا” [آل عمران:103]، وكانوا متسلحين بسلاح العلم، ولكنهم بدأوا يتخلفون في كل هذه المجالات وقوي أعداؤهم، وهم ضعفوا ضعفًا كبيرًا، فعليهم أن يعودا إلى صفاتهم العالية.

لقد بعث الله أنبياءه لإرشاد الناس وإصلاحهم، فقاموا بالدعوة، وتصحيح النظر الإنساني إلى الحياة، وإيجاد الإيمان بالله، والعبودية المخلصة له في نفوسهم، فقام الأنبياء وأتباعهم بهذا العمل الجليل، وأحدثوا انقلابًا في حياة الناس، وإن أعظم شخصية وأكملها في هذا المجال كان آخر أنبياء الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قام وقام أتباعه بانقلاب هائل للإنسانية بأعمالهم التربوية والإصلاحية للناس، وكان أسلوب العمل من هؤلاء الدعاة هو الإخلاص لله في عملهم، فلم يكونوا يطلبون به جاهًا ولا مالاً؛ بل كانوا يصرحون في دعوتهم إلى الصلاح والإصلاح بأنهم لا يريدون على عملهم أجرًا وفائدة في حياتهم الدنيا، لأن من طبيعة الناس عند السماع للنصح من غيره أنه لابد أن يكون راغبًا بعمله إلى الحصول على فائدة من الفوائد الدنيوية الجليلة أو الصغيرة لنفسه، وحينئذ لا يقع قوله في نفس السامع موقعًا حسنًا، فلذلك كان الأنبياء والدعاة المخلصون لا يريدون بذلك نفعًا لأنفسهم، وبذلك كان أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ذا تأثير أكثر، وذلك أنفع طريق للقائمين بالدعوة إلى الخير أن يتصف عملهم بالإخلاص وطلب الأجر في الآخرة، وإنهم لا يريدون بسعيهم للإصلاح إلا رضا ربهم ونفع غيرهم، لا لأنفسهم في هذه الدنيا، أما إذا ظهر أن الداعي إلى الخير يخفى من وراء عمله نفعًا لنفسه، فإن عمله لا ينفع كثيرًا، وإننا نرى في هذا العصر أن بيئات المسلمين قد فسدت كثيراً في صفاتها الإسلامية، ودخلت عادات سيئة في حياة أفرادها الفردية والاجتماعية، فهم في أمس حاجة إلى إصلاح حياتهم وتوفيقها لما أمر الله تعالى به فيجب على قادة المسلمين أن يبذلوا اهتمامًا أكبر بهذا العمل، فإن ذلك يأتي لهم بالنصر من الله تعالى.

فإن قوة المسلمين إنما تخفى في التزامهم بالأوامر الدينية التي وعد الله المسلمين بالنصر عليها، وذلك يحصل باتباع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في كافة أعمالهم.

×