الحج شعار الوحدة الإسلامية

ميزات الحج
23 يونيو, 2024
إصلاح النفوس عمل مبدئي في الإسلام
18 يوليو, 2024

الحج شعار الوحدة الإسلامية

محمد سلمان البجنوري الندوي

ها هو ذا قد بدأت رحلة قوافل الحجيج إلى بيت الله العتيق من كل فج عميق، وتشتاق قلوب المؤمنين إلى زيارة الكعبة المشرفة (زادها الله شرفا وعزا) وهي قبلة لأفئدة المسلمين، ومركز يدور حوله رحى الحياة الإسلامية، وتتدفق عواطفهم الإيمانية الروحانية وكادت العيون تذرف والدموع تسيل متلذذة ومتمتعة برؤية الكعبة المشرفة، وتشتعل جذوة الإيمان في القلوب، وتنبع عواطف الحب والحنان في النفوس، وقال العلامة السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله في كتابه الشهير”وكانت الأمة في حاجة دائمة إلى إشعال جذوة الإيمان، وإثارة عاطفة الحب والحنان، وإعادة الوفاء والولاء في سائر الأجزاء والأعضاء، فجعل الحج ربيعاً تورق فيه أغصان هذه الشجرة الخالدة كل عام، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وتكتسى فيه هذه الشجرة العالمية لباسا جديدا قشيبا غضا طرياً”(الأركان الأربع ص:245).

الحج شعار من شعائر الله عز وجل، وفريضة من فرائضه التي أوجبها الله عز وجل على المسلمين الذين يستطيعون إليه سبيلا، وهذا مشهد من مشاهد الحب والهيام، ومظهر من مظاهر الإيمان والإسلام، والمسلم يحضر بيت الله الحرام تلبية لنداء خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حينما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بإعلان الحج في الناس جميعا، وقال عز وجل: “وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق” ومن ذلك الوقت الجماعات والوفود تتوارد على بيت الله الحرام لأداء الحج، والقلوب تهفو إلى الامتثال لأوامر الله تعالى والقيام بمناسك الحج.

وللحج منافع كثيرة إنه عبادة جماعية ويجتمع في صعيد واحد جميع المسلمين، وترتبط صلة الحب والعاطفة والشوق والرغبة والحنان والهيام بربهم عز وجل، ولولا كان في القلب رقة، ولا في العبادة خشوع وخضوع ولا في العيون دموع ولا في الدعاء ابتهال وتضرع لما حصل لهم أي فائدة للقيام بهذه العبادة العظيمة، والحج طريق إلى التضامن الإسلامي ووحدة الإمة الإسلامية وتوحيد صفوف المسلمين وجمع كلمتهم وإظهار القوة والشوكة، وتوجيه قلوبهم إلى خالقهم والإقبال على التمسك بالعقيدة الصحيحة والشريعة الإسلامية، والاعتصام بحبل الله تعالى والابتعاد عن شوائب الشرك والبدعة التي شاعت بين المسلمين.

وقال العلامة الندوي: والحج انتصار للقومية الإسلامية على القوميات الوطنية والعنصرية واللسانية التي قد يصبح بعض الشعوب الإسلامية فريستها تحت ضغط عوامل كثيرة، وهو إظهار لشعار هذه القومية، فتتجرد جميع الشعوب الإسلامية عن جميع ملابسها وأزيائها الإقليمية التي تميز بعضها عن بعض، ويتعصب لها أقوام، وتظهر كلها في مظهر واحد يسمى “الإحرام” في لغة الدين والفقه وفي مصطلح الحج والعمرة خاسرة رؤوسها ما بين رئيس ومرؤوس وصغير وكبير وغني وفقير وتهتف كلها في لغة واحدة ونغمة واحدة “لبيك أللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك” وهكذا تتجلى القومية الإسلامية في اللباس والهتاف.(الأركان الأربع ص:247).

×