كيسنجر يرسم 3 سيناريوهات للنزاع في أوكرانيا
2 أغسطس, 2022جون بولتون يقر بالتخطيط لانقلابات بدول أخرى
24 أغسطس, 2022هذه مخاطر تعاون الهند وإسرائيل.. “تحالف عنصري”
لندن- عربي21
قال المدير العام لمنظمة “أصدقاء الأقصى” إسماعيل باتيل، إن العلاقات بين الهند والاحتلال الإسرائيلي في عهد حكومة حزب بي جيه بيه، انتقلت إلى ما هو أبعد من المصالح الاقتصادية – إلى التآزر الأيديولوجي اليميني المتطرف.
وأكد باتيل، في مقال نشره على موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، وترجمته “عربي21″، أن الخيط المشترك الذي يوحد الاحتلال وحكومة حزب بي جيه بيه هو القومية اليمينية المتطرفة، والتي تدعو إلى الإقصاء، إن لم يكن الطرد، بحق جميع الآخرين الذين لا يتمسكون بالهوية الإقصائية التي خصوا بها دولتهم.
وأضاف: “توسع التحالف الهندي الإسرائيلي عبر السنين ليتجاوز التعاون الاقتصادي وصل إلى الاشتراك في نفس الأساليب العنصرية والعنيفة، بينما يعمل كل طرف منهما على التستر على خطايا الآخر. وفي هذه الأثناء يقف حلفاؤهم الغربيون يتفرجون بينما تنتهك حقوق الإنسان وترتكب الفظائع”.
وتابع: “على المستوى الدولي، ومع صعود القيادات الشعبوية اليمينية، يعتبر التحالف الهندي الإسرائيلي وصفة خطيرة لانتشار العنصرية والإسلاموفوبيا حول العالم”.
وفي ما يأتي النص الكامل للمقال:
تسلط العلاقة الهندية الإسرائيلية الضوء على الخيط الرفيع الفاصل بين المبادئ والمصالح. لطالما كانت الهند تاريخياً حليفاً سياسياً ضد احتلال إسرائيل الاستعماري لفلسطين. وكان المهاتما غاندي ونهرو وغيرهما من رواد النضال من أجل استقلال الهند دائماً يتحدون الاحتلال الإسرائيلي.
ولم يضعف دعم الهند للفلسطينيين حتى بعد أن اعترفت الهند رسمياً بدولة إسرائيل في عام 1950. فقط بعد انتهاء الحرب الباردة وحلول فرصة التوسع الرأسمالي بدأت الهند في إنشاء علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في عام 1992.
خلال العقود التي تلت، تم سحق المبادئ بحجة السعي لخدمة المصالح. وفي عام 2006 وقعت الهند وإسرائيل اتفاقية المشروع الزراعي الهندي الإسرائيلي لتبادل أفضل الممارسات والخبرات حول زيادة تنوع وإنتاجية المحاصيل، بالإضافة إلى برامج التدريب الاحترافي. وبدأت التجارة الثنائية تنمو مع تنامي الروابط العسكرية.
ومنذ عام 2017، فقط بعد ثلاث سنين من وصول حزب رئيس الوزراء نارندرا مودي اليميني القومي باراتيا جاناتا (بي جيه بيه) إلى السلطة، غدت الهند شريكاً استراتيجياً في إنتاج الأسلحة الإسرائيلية، وبدأ البلدان يجريان تدريبات عسكرية مشتركة ويتبادلان الزيارات من قبل الوفود الأمنية والعسكرية.
ومنذ أن استلم مودي منصبه في عام 2014، بات يتوجه ما نسبته 42 بالمئة من جميع صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الهند. وبحسب ما يقوله معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) فقد زادت شحنات الأسلحة التي تصل الهند من إسرائيل بما نسبته 175 بالمئة ما بين 2015 و2019. وقد وسع البلدان تعاونهما في مجال الأمن السيبراني خلال السنوات الأخيرة.
وعلى الجبهة الاقتصادية، ارتفعت التجارة المتبادلة ما بين 1992 و2021 إلى 6.35 مليار دولار في 2021 مقارنة بما لا يتجاوز الـ200 مليون دولار في 1992.
في عهد حكومة البي جيه بيه، انتقلت العلاقات بين الهند وإسرائيل إلى ما هو أبعد من مجرد المصالح الاقتصادية، إلى التآزر الأيديولوجي.
والخيط المشترك الذي يوحدهما هو القومية اليمينية المتطرفة، والتي تدعو إلى الإقصاء، إن لم يكن الطرد، بحق جميع الآخرين الذين لا يتمسكون بالهوية الإقصائية التي خصوا بها دولتهم.
وفي هذا السياق غدا شخص المسلم هدفاً للعنف في الهند بينما تعتبر الدولة الإسرائيلية الفلسطينيين عقبة كؤود في طريق التوسع الاستعماري. أما القوميون الهندوس من أتباع حزب بي جيه بيه، فيرون أن المسلمين يمثلون الشائبة التي تلوث الأمة الهندوسية النقية، فيما يعتبر فلسطنة المسلمين الهنود.
لم يتورع الدبلوماسي الهندي سانديب تشاكرافوتي صراحة عن الدعوة إلى تبني الأساليب الإسرائيلية. وكان في عام 2019 قد أكد على ضرورة أن يتبنى الهندوس النموذج الإسرائيلي في التعامل مع كشمير المحتلة من قبل الهند. ولذلك فليس مفاجئاً أن يستخدم الجيش الهندي في كشمير المدنيين كدروع بشرية تماماً كما تفعل إسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة، وهذه الممارسة غير المشروعة تحظى بالتنديد الدولي.
عندما أجازت الهند في عام 2019 تعديلاً على قانون الجنسية، مانحة العفو عن المهاجرين غير الشرعيين من الدول المجاورة إن كانوا من غير المسلمين، أعلنت مجموعة حقوقية مناصرة لإسرائيل تسمى “قفوا معنا” عن دعمها للبي جيه بيه. وحظيت هذه الخطوة بتأييد القنصل الإسرائيلي في جنوب الهند، دانا كورش، التي قالت إن “الهند بلد يتمتع بالسيادة وله الحق” في إجراء التعديل.
بحسب ما تقوله “هيومان رايتس واتش”، فإنه منذ أن وصل البي جيه بيه إلى السلطة، فإنه قد “سن تشريعات متعددة واتخذ غير ذلك من الإجراءات التي شرعنت التمييز ضد الأقليات الدينية وعززت من القومية الهندوسية التي تمارس العنف”. وهذه المأسسة للعنصرية هي التي مكنت المتطرفين الهندوس في الهند والمستوطنين اليهود في فلسطين من الدعوة جهاراً إلى موت المسلمين والعرب، بينما ينعم المتطرفون الهندوس والإسرائيليون اليهود بحصانة شبه تامة من المساءلة والمحاسبة.
لم يزل الفلسطينيون في إسرائيل والمسلمون في الهند يتعرضون للتمييز وللاعتداءات البدنية بل وحتى للقتل، بينما تتقاعس أجهزة الأمن عن حمايتهم، وفي بعض الأوقات تشارك في التنكيل بهم والهجوم عليهم. وفي كلا البلدين، بات القضاء أداة من أدوات الحكومة المؤدلجة.
والمجال الآخر الذي يتشابه فيه الطرفان هو هدم المنازل. تقوم إسرائيل بشكل دوري بهدم منازل الفلسطينيين كشكل من أشكال العقاب الجماعي، تاركة آلاف الناس بلا مأوى. وفي الهند يتم أيضاً هدم منازل المسلمين الذين تزعم السلطات أنهم شاركوا في احتجاجات ضد الحكومة.
وفعلاً، فإن توسع التحالف الهندي الإسرائيلي عبر السنين ليتجاوز التعاون الاقتصادي وصل إلى الاشتراك في نفس الأساليب العنصرية والعنيفة، بينما يعمل كل طرف منهما على التستر على خطايا الآخر. وفي هذه الأثناء يقف حلفاؤهم الغربيون يتفرجون بينما تنتهك حقوق الإنسان وترتكب الفظائع.
وعلى المستوى الدولي، ومع صعود القيادات الشعبوية اليمينية، فإن التحالف الهندي الإسرائيلي يعتبر وصفة خطيرة لانتشار العنصرية والإسلاموفوبيا حول العالم.